×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

نعم، صار من نحو المائة الثالثة يوجد متفرقًا في كلام بعض الناس: فلان تُرجى الإجابة عند قبره، وفلان يُدعى عند قبره، ونحو ذلك، والإنكار على من يقول ويأمر به، كائنًا من كان، فإنَّ أحسن أحواله أن يكون مجتهدًا في هذه المسألة أو مقلدًا، فيعفو الله عنه.

أمّا أنّ هذا الذي قاله يقتضي استحباب ذلك فلا، بل قد يقال: هذا من جنس قول بعض الناس: المكان الفلاني يقبل النذر، والموضع الفلاني ينذر له، ويُعيّنون عينًا، أو بئرًا، أو شجرة، أو مغارة، أو حجرًا، أو غير ذلك من الأوثان، فكما لا يكون مثل هذا القول عُمدةً في الدِّين، فكذلك القول الأوّل.

*****

 الأدعية، لم يُنقل عن أحدٍ منهم أنه ذكر أنَّ الدعاء عند القبور له فضيلة أو خاصيَّة في سرعة الإجابة، فدلَّ هذا على إجماع الأمة في هذه المسألة أنه لا يجوز الدعاء عند القبور، والحمد لله، والإجماع حجة، فلو كان شيء وارد من هذا لما فات على هؤلاء الأئمة.

الدعاء عندها لا يحتج لكلام المتأخرين:

إنما كان عند بعض المتأخرين الذين لا يُحتج بكلامهم، وليس لهم سلف في هذا، وهؤلاء لا عبرة بكلامهم؛ لأنهم مسبوقون بالإجماع ممن قبلهم على أنه لا يُشرع الدعاء عند القبور، فيُنكر عليهم هذا الشيء، وأنّ هذا شيء أحدثوه، وقد قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَحْدَثَ فِي أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فَهُوَ رَدٌّ» ([1]) ولعلَّهم قلّد بعضهم بعضًا، فأحدثوا وكتبوا الدعاء عند القبور في مؤلفاتهم وهم لم يُسبقوا ممن قبلهم، ممن هم


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (2697)، ومسلم رقم (1718).