×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

ونحن جلوس مع ربيعة بن أبي عبد الرحمن - فيقوم عند القبر، فيسلم على النبي صلى الله عليه وسلم، ويدعو حتى يمسي، فيقول جلساء ربيعة: انظروا إلى ما يصنع هذا؟ فيقول: دعوه فإنما للمرء ما نوى.

ومحمد بن الحسن هذا صاحب أخبار، وهو مضعَّف عند أهل الحديث، كالواقدي ونحوه، لكن يستأنس بما يرويه ويعتبر به.

وهذه الحكاية قد يُتمسك بها على الطرفين، فإنها تتضمن أن الذي فعله هذا الرجل أمرٌ مبتدع عندهم، لم يكن من فعل الصحابة وغيرهم من علماء أهل المدينة، وإلاّ لو كان هذا أمرًا معروفًا من عمل أهل المدينة لما استغربه جلساء ربيعة وأنكروه، بل ذِكر محمد بن الحسن لها في كتابه مع رواية الزبير بن بكار ذلك عنه يدل على أنهم على عهد مالك وذويه ما كانوا يعرفون هذا العمل، وإلاّ لـو كـان هذا شائعًا بينهم لما ذكر في كتاب مصنف ما يتضمن استغراب ذلك، ثم إنَّ جلساء ربيعة - وهم قوم فقهاء علماء - أنكروا ذلك، وربيعة أقره.

فغايته: أن يكون في ذلك خلاف، ولكن تعليل ربيعة له بأن لكل امرئ ما نوى لا يقتضي إلاّ الإقرار على ما يكره، فإنه لو أراد الصلاة هناك لنهاه، وكذلك لو أراد الصلاة في وقت نهي، وإنما الذي أراده - والله أعلم - أنَّ من كانت له نية صالحة أثيب على


الشرح