وهذا مذهب أبي حنيفة وأحمد وغيرهما، وقول طائفة من
أصحاب الشافعي ومالك، وهو الصواب لأدلة كثيرة ذكرناها في غير هذا الموضع.
والثاني: أنَّ ثواب البدنية لا يصل إليه بحال، وهو
المشهور عند أصحاب الشافعي ومالك، وما من أحـد من هؤلاء يخصُّ مكانًا بالوصول أو
عدمه.
*****
قوله: «فصل: قد تقدم
أن النبي صلى الله عليه وسلم...» إلخ، هذا الفصل كأنه إعادة أو تلخيص لما سبق من
أول الكتاب إلى هذا المكان، بأنَّ القبور لا تُهان ولا تعظّم ويُغلى فيها، فالقبور
تحترم، ويُكفُّ عنها الأذى، ولا تمتهن أو تُداس أو يُجلس عليها، أو تُقضى عليها
الحاجة وما أشبه ذلك، وفي الوقت نفسه لا يُغلى فيها ويُبنى عليها، وتُتخذ مساجد أو
مصلَّيات، أو يُدعى عندها؛ لأنَّ كـل هذا مـن الغلّو الذي يُفْضِي إلى الشرك. وقـد
نهى عنه الرسول صلى الله عليه وسلم.
والعبادات - كما سبق بيانه وتكرر - أن العبادات توقيفية، لا مجال للاجتهاد فيها، فما جاء الدليل بإثباته أخذنا به، وما لم يأت به دليل فلا يكون عبادة لله، وإنما يكون بدعة، وكل بدعة ضلالة، هذا هو الأصل الجامع لهذا الأمر كله، والضلال إنما ينشأ من تعظيم البقعة التي لم يعظّمها الله ولا رسوله، وينشأ الضلال من الدعاء في مكان معين لم يخصص من ناحية الشرع، وينشأ الضلال - وهذا أشد - من البناء على القبور، وزخرفتها، ووضع الستائر عليها، مضاهاة لبيت الله العتيق، إلى غير ذلك من بواعث الشر وبواعث الفتنة، فالواجب على
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد