ولم يتنازع العلماء إلاّ بالحلف بالنبي صلى الله عليه
وسلم خاصّة، فإنَّ فيه قولين في مذهب أحمد وبعض أصحابه كابن عقيل، طرد الخلاف في
الحلف بسائر الأنبياء، لكن القول الذي عليه جمهور الأئمة كمالك والشافعي وأبي
حنيفة وغيرهم: أنه لا ينعقد اليمين بأي مخلوق ألبتة، ولا يقسم بمخلوق ألبتة، وهذا
هو الصواب.
والإقسام على الله بنبيه محمد صلى الله عليه وسلم مبني
على هذا الأصل، ففيه هذا النزاع، وقد نُقل عن أحمد في التوسل بالنبي صلى الله عليه
وسلم في «منسك المروزي» ما يناسب قوله بانعقاد اليمين به، لكنّ الصحيح أنه لا
تنعقد اليمين به، فكذلك هذا. وأمّا غيره فما علمت بين الأئمة فيه نزاعًا.
*****
أي: وإن قال بعض العلماء أنه يجوز الحلف بالنبي
صلى الله عليه وسلم فإنه قول مرجوح، بل هو قول غير صحيح لعموم الحديث: «مَنْ
حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» ([1]) فهذا عام، لا يُخَص
منه شيء إلا بدليل.
الحلف بالنبي على الله مبني على أصل أن اليمين بغير الله لا تنعقد ولا يُقسم بمخلوقٍ أبدًا، ولم يُستثن أحدٌ، كما ورد في الحديث: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» وهذا عامّ للأنبياء وغيرهم، فلا يُحلف بمخلوقٍ، لا نبي ولا غير نبي، ومن ادّعى التخصيص فعليه أن يقيم الدليل الصحيح على ذلك، ولا عبرة بالخلاف المجرّد عن الأدلة، الخلاف موجـود وكثير، فلا يعتبر بالأقوال والخلافات التي ليس عليها دليل من الكتاب والسنة.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (1495)، والترمذي رقم (3544)، وأحمد رقم (12611).