التراب والخربات؛ لأنَّ هذا من وسائل الشرك،
ومما يدعو إلىه، كما حصل للأمم السابقة، والصحابة مشوا على هذا، فلم يكونوا
يلتفتـون إلى المواطن التي نزل فيهـا الرسول صلى الله عليه وسلم، وتوضَّأ فيها أو
صلّى فيها اتفاقًا من غير قصد.
وقد سبق أن ذكر
الشيخ التفصيل في هذا، وبيّن أنه ما كان النبي صلى الله عليه وسلم جلس فيه أو سكـن
أو صلّى فيه اتفاقًا من غير قصد، أن هذا لا يُلتفت إليه فيما بعد، وأما ما قصد
عليه الصلاة والسلام الصلاة فيه، أو أمر الناس بالصلاة فيه، فهذا يُتبع فيه أثر
الرسول صلى الله عليه وسلم ويصلّى فيه.
قال صلى الله عليه
وسلم: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ
الْحَرَامِ، وَمَسْجِدِي هَذَا، وَالمَسْجِدِ الأَْقْصَى» ([1]) وكذلك مسجد قباء، قد
أمره الله أن يقوم فيه، فصار صلى الله عليه وسلم يذهب إليه ويصلي فيه، وكذلك
السلام على قبور المسلمين والدعاء لهم، هذا أيضًا من سنة الرسول صلى الله عليه
وسلم، فلا مانع من أن نزور القبور ونسلم على الأموات وندعو لهم ونستغفر لهم، أما
المنازل التي لم يقصدها عليه الصلاة والسلام وإنما صادف أنه صلّى فيها إذا أدركته
الصلاة، فصلَّى فيها أو جلس فيها للراحة أو ما أشبه ذلك، فهذه ليس لـها اعتبـار
فيما بعد، ولم يكن الصحابة يتتبعونها.
وأما ما كان يفعله ابن عمر رضي الله عنهما، من تتبعها فهذا لا يُقصد به التبرك، وإنما يقصد به شدة الاقتداء والاتباع للرسول صلى الله عليه وسلم، وهو عمل انفرد به عن سائر الصحابة، كأبيه وغيره.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (438)، ومسلم رقم (521).