ولا
يلزم أن يشرع في غير تلك البقاع مثل ما شرع فيها.
*****
قوله: «وأيضًا فإن المكان الذي كان النبي
يصلي فيه بالمدينة دائمًا لم يكن أحد من السلف يستلمه ولا يقبله...» يعني أنَّ
النبي صلى الله عليه وسلم صلّى بمسجده بالمدينة طول حياته في مقام الإمامة في الصلاة،
ومع ذلك ما كان الصحابة يتمسّحون بهذا المقام، ولا يتبركون بمواطئ أقدامه صلى الله
عليه وسلم، وهم أعلم الأمة بما شرعه الله لهم، فإذا كان هذا فعل الصحابة مع مقام
النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، فغيره من باب أولى من مقامات الأنبياء
والصالحين في سائر الأرض.
قوله: «وإذا كان هذا
ليس بمشروعٍ في موضع قدميه للصلاة، فكيف هو بالفعل الذي هو موضع للمشي...» فالصحابة ما كانوا
يتتبَّعون آثار أقدامه صلى الله عليه وسلم، ولا يحيون المواضـع التي مشى عليها،
وهذا يدلُّ على أنه ليس من شرع الله، وإنما هو شرع المبتدعة؛ حيث يزعمون آثارًا
باقية للنبي صلى الله عليه وسلم يعظِّمونها، ومنها النعل الذي يزعمون أنه نعل
الرسول صلى الله عليه وسلم، وإذا لـم يجز هذا الفعل في موضع القدم فكيف يجوز
بالنعل؟! فكل ما يحتفون به من آثار هي محض افتراء وكذب.
قوله: «وإذا كان هذا
غير مشروع في موضع قدميه وقدميّ إبراهيم الخليل الذي لا شك فيه...» قال الله تعالى: ﴿وَٱتَّخِذُواْ مِن مَّقَامِ
إِبۡرَٰهِۧمَ مُصَلّٗى﴾ وقد اختلف العلماء
في مقام إبراهيم، فقيل: هو موطؤه على الصخرة، حين بناء الكعبة، وقيل: هو جميع
المشاعر: من عرفة ومزدلفة ومنى، فهذه مقام إبراهيم عليه السلام، والله جل وعلا شرع
في هذه الأماكن عبادات خاصة بها، فشرع الرمي في مِنى، وشرع الوقوف بعرفة، وشرع