وما يفعله الرجل في مسجد من تلك المساجد من دعاء وصلاة
وغير ذلك إذا فعله في المسجد الحرام كان خيرًا له، بل هذا سنة مشروعة.
وأما قصد مسجد غيره هناك تحريًا لفضله فبدعة غير
مشروعة، وأصل هذا أنَّ المساجد التي تُشدُّ إليها الرحال هي المساجد الثلاثة، كما
ثبت في «الصحيحـين» عن النبي صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وأبي سعيد رضي
الله عنهما: أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لاَ تُشَدُّ الرِّحَالُ إِلاَّ
إِلَى ثَلاَثَةِ مَسَاجِدَ: الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ، وَالمَسْجِدِ الأَْقْصَى،
وَمَسْجِدِي هَذَا» ([1]) وقد
روي هذا من وجوه أخرى، وهو حديث ثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم باتفاق أهل
العلم، متلقًّى بالقبول عنه.
فالسفر إلى هذه المساجد الثلاثة للصلاة فيها، والدعاء،
والذكر والقراءة، والاعتـكاف من الأعمال الصالحة. وما سوى هذه المساجد لا يشرع
السفر إليه باتفاق أهل العلم، حتى مسجد قباء يستحب قصده من المكان القريب،
كالمدينة. ولا يشرع شدّ الرحال إليه، فإنَّ في «الصحيحين» عن ابن عمر رضي الله
عنهما قال: «كَانَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَأْتِي مَسْجِدَ قُبَاءٍ كُلَّ
سَبْتٍ، مَاشِيًا وَرَاكِبًا»، وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَفْعَلُهُ ([2])، وفي
لفظٍ لمسلم: «فَيُصَلِّي فِيهِ رَكْعَتَيْنِ»، وذكره البخاري بغير إسناد ([3]).
*****
قوله: «وما يفعله الرجل في مسجدٍ من تلك المساجد من دعاء وصلاة...» فلو أنَّ هؤلاء الذين يذهبون إلى غار ثور وإلى غار
([1]) أخرجه: البخاري رقم (1193)، ومسلم رقم (1399).
الصفحة 8 / 376