فأما العكوف والمجاورة عند شجـرة أو حجـر، تمثال أو
غير تمثال، أو العكوف والمجاورة عند قبر نبيٍّ أو غير نبي، أو مقام نبي أو غير
نبيٍّ، فليس هذا من دين المسلمين، بل هو من جنس دين المُشركين، الذين أخبر الله
عنهم بما ذكره في كتابه، حيث قال:﴿وَلَقَدۡ ءَاتَيۡنَآ
إِبۡرَٰهِيمَ رُشۡدَهُۥ مِن قَبۡلُ وَكُنَّا بِهِۦ عَٰلِمِينَ ٥١ إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ
أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ﴾ [الأنبياء: 51- 52].
*****
الاعتكاف يكون في بيوت الله، ولأجل الصلاة مع
الجماعة، فإنَّ الإنسان إذا اعتكف في مكانٍ غير المسجد، فهو حينها سيضطر أن يخرج
للصلاة فيترك حينها الاعتكاف، أو أن يصلِّي مكانه فيترك صلاة الجماعة، ولذلك
قالوا: لا يجوز الاعتكاف إلا في مسجد يجمّع فيه، أي: تقام فيه صلاة الجماعة، أما
الجمعة لا بأس بالخروج لها؛ لأنها لا تتكرر، خلاف الصلوات الخمس، فإنها تتكرر في
اليوم والليلة خمس مرات، فهذا يؤثر على الاعتكاف، فلذلك يكون الاعتكاف في المساجد.
أما الاعتكاف عند القبور، أو في المغارات، أو عند الأشجار، أو غير ذلك، فهذا من دِين المشركين، كما قال الله جل وعلا: ﴿وَجَٰوَزۡنَا بِبَنِيٓ إِسۡرَٰٓءِيلَ ٱلۡبَحۡرَ فَأَتَوۡاْ عَلَىٰ قَوۡمٖ يَعۡكُفُونَ عَلَىٰٓ أَصۡنَامٖ لَّهُمۡۚ﴾ [الأعراف: 138]، وإبراهيم عليه السلام أنكر على قومه عكوفهم عند التماثيل، والقبور، والبقاء عندها، والنزول في ساحاتها أيامًا، كل هذا من دِين المشركين، قال عليه الصلاة والسلام لقومه: ﴿إِذۡ قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوۡمِهِۦ مَا هَٰذِهِ ٱلتَّمَاثِيلُ ٱلَّتِيٓ أَنتُمۡ لَهَا عَٰكِفُونَ﴾ [الأنبيَاء: 52].