ولـمّا كان أصل الدين الذي هو دين الإسلام واحدًا، وإن
تنوعت الشرائع، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إِنَّا مَعَاشِرَ
الأَْنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ، الأَْنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ، وَإِنَّ
أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ لَأنَا، فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» ([1]).
فدينهم واحد؛ وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو
يُعبد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت، وذلك هو دين الإسلام في ذلك الوقت.
*****
وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ﴾.
قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ
ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ﴾ [آل عمران: 19]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ
ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ﴾ [آل عمران: 85]،
والإسلام كما عرّفه الشيخ في موضعٍ آخر: هو الاستسلام لله بالتَّوحيد، والانقياد
له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وهو بهذا المعنى دين جميع الأنبياء، قال
تعالى: ﴿وَمَآ
أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ
إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 25]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي
كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ﴾ [النحل: 36]، هذا
دِين الأنبياء: عبادة الله وترك عبادة ما سواه.
وعبادة الله تكون بما شرعه لعباده في كل وقت بحسبه، فشرائع الأنبياء تكون كما قال الله جل وعلا: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ﴾ [المائدة: 48]، فشرائع الأنبياء تختلف من وقت إلى وقت آخر حسب ما يحتاجه الناس في وقتهم، ثم ينسخ الله ما يشاء - سبحانه - ويأتي
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3443)، ومسلم رقم (2365).