×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

ولـمّا كان أصل الدين الذي هو دين الإسلام واحدًا، وإن تنوعت الشرائع، قال النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح: «إِنَّا مَعَاشِرَ الأَْنْبِيَاءِ دِينُنَا وَاحِدٌ، الأَْنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلاَّتٍ، وَإِنَّ أَوْلَى النَّاسِ بِابْنِ مَرْيَمَ لَأنَا، فَلَيْسَ بَيْنِي وَبَيْنَهُ نَبِيٌّ» ([1]).

فدينهم واحد؛ وهو عبادة الله وحده لا شريك له، وهو يُعبد في كل وقت بما أمر به في ذلك الوقت، وذلك هو دين الإسلام في ذلك الوقت.

*****

وَّإِن تَوَلَّوۡاْ فَإِنَّمَا هُمۡ فِي شِقَاقٖۖ فَسَيَكۡفِيكَهُمُ ٱللَّهُۚ وَهُوَ ٱلسَّمِيعُ ٱلۡعَلِيمُ.

قال الله جل وعلا: ﴿إِنَّ ٱلدِّينَ عِندَ ٱللَّهِ ٱلۡإِسۡلَٰمُۗ [آل عمران: 19]، وقال سبحانه وتعالى: ﴿وَمَن يَبۡتَغِ غَيۡرَ ٱلۡإِسۡلَٰمِ دِينٗا فَلَن يُقۡبَلَ مِنۡهُ وَهُوَ فِي ٱلۡأٓخِرَةِ مِنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ [آل عمران: 85]، والإسلام كما عرّفه الشيخ في موضعٍ آخر: هو الاستسلام لله بالتَّوحيد، والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله، وهو بهذا المعنى دين جميع الأنبياء، قال تعالى: ﴿وَمَآ أَرۡسَلۡنَا مِن قَبۡلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِيٓ إِلَيۡهِ أَنَّهُۥ لَآ إِلَٰهَ إِلَّآ أَنَا۠ فَٱعۡبُدُونِ[الأنبياء: 25]، وقال تعالى: ﴿وَلَقَدۡ بَعَثۡنَا فِي كُلِّ أُمَّةٖ رَّسُولًا أَنِ ٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَٱجۡتَنِبُواْ ٱلطَّٰغُوتَۖ [النحل: 36]، هذا دِين الأنبياء: عبادة الله وترك عبادة ما سواه.

وعبادة الله تكون بما شرعه لعباده في كل وقت بحسبه، فشرائع الأنبياء تكون كما قال الله جل وعلا: ﴿لِكُلّٖ جَعَلۡنَا مِنكُمۡ شِرۡعَةٗ وَمِنۡهَاجٗاۚ [المائدة: 48]، فشرائع الأنبياء تختلف من وقت إلى وقت آخر حسب ما يحتاجه الناس في وقتهم، ثم ينسخ الله ما يشاء - سبحانه - ويأتي


الشرح

([1] أخرجه: البخاري رقم (3443)، ومسلم رقم (2365).