ومن أهلِ الكلام من أطالَ نظره في تقرير هذا الموضع،
إما بدليل أنَّ الاشتراك يوجب نقص القدرة وفوات الكمال، واستقلال كل من الفاعلين
بالمفعول محال، وإما بغير ذلك من الدلائل، ويظن أنه بذلك قرر الوحدانية، وأثبت أنه
لا إله إلاّ هو، وأنَّ الإلهية هي القدرة على الاختراع أو نحو ذلك، فإذا ثبت أنه
لا يقدر على الاختراع إلاّ الله، وأنه لا شريك له في الخلق، كان هذا عندهم هو معنى
قولنا: لا إله إلاّ الله، ولم يعلم أن مشركي العرب كانوا مُقِرِّين بهذا التوحيد،
كما قال تعالى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ
ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ وَسَخَّرَ ٱلشَّمۡسَ وَٱلۡقَمَرَ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ﴾ [العنكبوت:
61]، وقال تعالى: ﴿قُل لِّمَنِ ٱلۡأَرۡضُ
وَمَن فِيهَآ إِن كُنتُمۡ تَعۡلَمُونَ ٨٤ سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَذَكَّرُونَ﴾ [المؤمنون: 84-
85]، وقال تعالى: ﴿وَمَا يُؤۡمِنُ أَكۡثَرُهُم
بِٱللَّهِ إِلَّا وَهُم مُّشۡرِكُونَ﴾ [يوسف: 106].
قال ابن عباس وغيره: تسألهم: من خلق السماوات والأرض؟
فيقولون: الله. وهم مع هذا يعبدون غيره.
*****
الجهمية والمعتزلة والأشاعرة والماتريدية، وكل من سار على نهجهم يَقْصرون همَّهم على توحيد الربوبية، ويقررونه، ويقيمون الأدلة عليه، ويكتبون عقائدهم عليه، كما مَرَّ من قبل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد