×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

وهذا التوحيد هو من التوحيد الواجب، لكن لا يحصل به كل الواجب، ولا يخلص بمجرده عن الإشراك الذي هو أكبر الكبائر، الذي لا يغفره الله، بل لا بد أن يخلص لله الدين والعبادة، فلا يعبد إلاّ إيّاه، ولا يعبده إلاّ بما شرع فيكون دِينه لله.

والإله هو المألوه الذي تألهه القلوب، وكونه يستحق الإلهية مستلزمًا لصفات الكمال، فلا يستحق أن يكون معبودًا محبوبًا لذاته إلاّ هو، وكل عملٍ لا يُراد به وجهه فهو باطل، وعبادة غيره، وحب غيره يوجبُ الفساد، كما قال تعالى: ﴿لَوۡ كَانَ فِيهِمَآ ءَالِهَةٌ إِلَّا ٱللَّهُ لَفَسَدَتَاۚ [الأنبياء: 22].

وقد بسطنا الكلام على هذا في غير هذا الموضع، وبيّنا أن هذه الآية ليس المقصود بها ما يقوله من يقوله من أهل الكلام، من ذكر دليل التمانع الدال على وحدانية الربِّ تعالى، فإن التمانع يمنع وجود المفعول، لا يوجب فساده بعد وجوده، وذلك يذكر في الأسباب والبـدايات التي تجري مجرى العلل الفاعلات، والثاني يذكر في الـحِكَم والنهايات، التي تذكر في العلل التي هي الغايات، كما في قوله: ﴿إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ [الفاتحة: 5] فقدم الغاية المقصودة على الوسِيلة المُوَصِّلة، كما قد بُسط في غير هذا الموضع.

*****

 قوله: «وهذا التوحيد...» أي: توحيد الربوبية مستلزم لتوحيد الألوهية، وتوحيد الألوهية متضمن لتوحيد الربوبية، كل منهما مرتبطٌ بالآخر، لا أن يُقْتَصرَ على توحيد الربوبية فقط.


الشرح