×
التعليق القويم على كتاب اقتضاء الصراط المستقيم لمخالفة أصحاب الجحيم الجزء الخامس

ومن خالفهم من المعطلة المتفلسفة وغيرهم عكسوا القضية، فجاؤوا بنفي مفصل وإثبات مجمل، يقولون: ليس كذا، ليس كذا، ليس كذا.

فإذا أرادوا إثباته قالوا: وجود مطلق بشرط النفي، أو بشرط الإطلاق، وهم يقرُّون في منطقهم اليوناني: أنَّ المطلق بشرط الإطلاق لا يكون في الخارج، فليس في الخارج حيوان مطلق بشرط الإطلاق، ولا إنسان مطلق بشرط الإطلاق، ولا موجود مطلق بشرط الإطلاق، بخلاف المطلق لا بشرط، الذي يطلق على هذا وهذا، وينقسم إلى هذا وهذا، فإن هذا يقال: إنه في الخارج لكن لا يكون إلاّ معينًا مشخَّصًا، أو يقولون: إنه الوجود المشروط بنفي كلِّ ثبوت عنه، فيكون مشاركًا لسائر الموجودات في مسمى الوجود متميزًا بالعدم.

*****

فهم يقولون: الله لا داخل العالم ولا خارجه، ولا فوق ولا تحت، ولا يمنة ولا يسرة، هكذا يصِفُون الله سبحانه وتعالى بنفيٍ مفصّلٍ، وأما الإثبات فهو مجمل عندهم، يقولون: الله موجود، يثبتون له وجودًا مطلقًا بشرط الإطلاق، وهذا من تخبطاتهم وتخرصاتهم؛ لأنهم لما تركوا الحق ابتلوا بالباطل.

فكل موجود يكون متميزًا بأمر ثبوتيٍّ، والوجود خير من العدم، فيكون أحقر الموجودات خيرًا من المعدوم، وذلك ممتنع؛ لأن التميز بين الموجودين لا يكون عدمًا محضًا، بل لا يكون إلا وجودًا.


الشرح