×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

·        4- الشرك في الطاعة :

اعلموا - وفقني اللَّه وإياكم- أن مِنْ الشرك طاعة العلماء والأمراء في تحليل ما حرم اللَّه أو تحريم ما أحَلَّ اللَّه:

قال اللَّه تعالى:  ﴿ٱتَّخَذُوٓاْ أَحۡبَارَهُمۡ وَرُهۡبَٰنَهُمۡ أَرۡبَابٗا مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلۡمَسِيحَ ٱبۡنَ مَرۡيَمَ وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ[التّوبَة: 31]، وفي الحديث الصحيح: أَنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم تَلاََ هَذِهِ الآيةِ عَلَى عِديِّ بن حَاتَمِ الطَّائِيِ، فَقَالَ: يا رَسُولَ اللَّه، لَسْنَا نَعْبُدُهُمِ قَالَ: «أَلَيْسَ يُحلُّوْنَ لَكُمْ مَا حَرَّمَ اللَّه فتُحِلُّوْنهُ، وَيُحرِّمُونَ مَا أَحَلَّ اللَّه فُتُحَرِّمُونَهُ» قَالَ: بَلَى، قَالَ النَّبى صلى الله عليه وسلم : «فَتِلْكَ عِبَاَدُتُهمْ» ([1]).

وقد فسَّرَ النبي صلى الله عليه وسلم فيه اتِّخاذ الأحبار والرهبان أربابًا مِنْ دون اللَّه بأنَّه ليس معناه الركوع والسجود لهم، وإنَّما معناه طاعتهم في تغيير أحكام اللَّه وتبديل شريعته بتحليلهم الحرام، وتحريمهم الحلال، وأَنَّ ذلك يُعْتَبر عبادةً لهم مِنْ دون اللَّه، حيث نصبوا أنفسهم شركاء للَّه في التشريع، فمَن أطاعهم في ذلك، فقد اتخذهم شركاء للَّه في التشريع والتحليل والتحريم، وهذا مِنْ الشَّرْك الأَكْبَرِ، لقوله تعالى في الآية:  ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ إِلَّا لِيَعۡبُدُوٓاْ إِلَٰهٗا وَٰحِدٗاۖ لَّآ إِلَٰهَ إِلَّا هُوَۚ سُبۡحَٰنَهُۥ عَمَّا يُشۡرِكُونَ [التّوبَة: 31]

ومثل هذه الآية قوله تعالى: ﴿وَلَا تَأۡكُلُواْ مِمَّا لَمۡ يُذۡكَرِ ٱسۡمُ ٱللَّهِ عَلَيۡهِ وَإِنَّهُۥ لَفِسۡقٞۗ وَإِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ لَيُوحُونَ إِلَىٰٓ أَوۡلِيَآئِهِمۡ لِيُجَٰدِلُوكُمۡۖ وَإِنۡ أَطَعۡتُمُوهُمۡ إِنَّكُمۡ لَمُشۡرِكُونَ [الأنعَام: 121] .


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (3095)، والطبراني في الكبير رقم (218).