رابعا: البعث والنشور:
اعلم أنَّ وقوع البعث مِنْ القبور قد دَلَّ عليه الكتاب
والسُّنَّة والعقل والفِطْرَة السَّليمة، أخبر اللَّه عنه في كتابه العزيز، وأقام
عليه الدليل، ورَدَّ على منكريه في آيات كثيرة مِنْ القرآن العظيم، وقد أخبرت عنه
جميع الأنبياء أممها، وطالبت المنكرين بالإيمان به.
ولما كان نبينا محمد صلى الله عليه وسلم خاتم الأنبياء،
وكان قد بُعِث هو والساعة كهاتين - يعني- «السَّبَّابَةِ
وَالْوُسْطَى»، بيَّن تفصيل الآخرة تفصيلاً لا يوجد في شيءٍ مِنْ كُتُب
الأنبياء قبله.
والقيامة الكبرى معروفة عند جميع الأنبياء مِنْ آدم إلى
نوح إلى إبراهيم وموسى وعيسى وغيرهم... عليهم الصلاة والسلام.
وقد أخبر اللَّه مِنْ حين أُهْبِطَ آدم بالقيامة: فقال
تعالى: ﴿وَقُلۡنَا
ٱهۡبِطُواْ بَعۡضُكُمۡ لِبَعۡضٍ عَدُوّٞۖ وَلَكُمۡ فِي ٱلۡأَرۡضِ مُسۡتَقَرّٞ
وَمَتَٰعٌ إِلَىٰ حِينٖ﴾ [البَقَرَة:
36] . وقال: ﴿قَالَ
فِيهَا تَحۡيَوۡنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنۡهَا تُخۡرَجُونَ﴾ [الأعرَاف: 25]. ولما قال إبليس اللعين: ﴿قَالَ
رَبِّ فَأَنظِرۡنِيٓ إِلَىٰ يَوۡمِ يُبۡعَثُونَ ٣٦قَالَ فَإِنَّكَ مِنَ ٱلۡمُنظَرِينَ
٣٧إِلَىٰ يَوۡمِ ٱلۡوَقۡتِ ٱلۡمَعۡلُومِ ٣٨﴾[الحِجر: 36-38].
وقال نوح عليه السلام لقومه: ﴿وَٱللَّهُ
أَنۢبَتَكُم مِّنَ ٱلۡأَرۡضِ نَبَاتٗا ١٧ثُمَّ يُعِيدُكُمۡ فِيهَا وَيُخۡرِجُكُمۡ إِخۡرَاجٗا
١٨﴾[نُوح: 17-18].
وقال إبراهيم عليه السلام : ﴿وَٱلَّذِيٓ
أَطۡمَعُ أَن يَغۡفِرَ لِي خَطِيَٓٔتِي يَوۡمَ ٱلدِّينِ﴾[الشُّعَرَاء: 82].
وموسى عليه السلام قال اللَّه له: ﴿إِنَّ ٱلسَّاعَةَ ءَاتِيَةٌ أَكَادُ أُخۡفِيهَا لِتُجۡزَىٰ كُلُّ نَفۡسِۢ بِمَا تَسۡعَىٰ ١٥فَلَا يَصُدَّنَّكَ عَنۡهَا مَن لَّا يُؤۡمِنُ بِهَا وَٱتَّبَعَ هَوَىٰهُ فَتَرۡدَىٰ ١٦﴾[طه: 15-16]. وقال موسى في دعائه: ﴿وَٱكۡتُبۡ لَنَا فِي هَٰذِهِ ٱلدُّنۡيَا حَسَنَةٗ وَفِي ٱلۡأٓخِرَةِ إِنَّا هُدۡنَآ إِلَيۡكَۚ﴾ [الأعرَاف: 156] .
الصفحة 1 / 367