فليس للأرواح سَعِيْدها وشقيِّها مُسْتَقَرٌ وَاحِدٌ،
بَلْ روحٌ في أعلى علِّيِّيْنَ، وَرُوح أرْضِيَّةٌ سُفْلِيَّة لا تَصْعَد عَنْ
الأرْضِ».
قال: «وأنت إذا تأمَّلْت السُّنَنَ والآثار، وكان لك بها
فَضْلُ اعْتناء، عرفت حُجَّة ذلك.
ولا تظُنُّ أنَّ بين الآثار الصَّحِيْحَة في هذا الباب
تعارضًا، فإنَّها كُلَّهَا حَقٌ يُصَدِّقُ بعضُها بعضًا، لكْنَّ الشَّأْن في
فهْمِهَا وَمَعْرِفة النَّفْس وَأحْكَامِهَا، وأنَّهَا لها شأْنًا غَيْرَ شَأْن
البَدَنِ».
إلى أَنْ قال: «وأنَّهَا تَنْقَسِم إلى مُرْسَلةٍ
وَمَحْبُوسَةٍ وَعُلْويَّةٍ وَسُفْليَّةٍ، ولها بعد المُفَارقة صِحَّةٌ وَمَرَضٌ
وَلَذَّة وَنَعَيْمٌ وَأَلَمٌ أَعْظَمُ ممَّا كَانَ لهَا حَالَ اتِّصَالهَا
بالبَدَن بكَثِيْرٍ، فَهُنَالِكَ الحَبْسُ والألمُ والعَذَاب والمَرَضُ
والحَسْرَة، وَهُنَالِكَ اللَّذَّةُ وَالرَّاحَةُ وَالنَّعِيْمُ وَالإِطْلاَقُ».
· هل الرُّوح والنَّفس شيءٌ وَاحدٌ أو شَيْئًان متغايران؟
اختلف النَّاس في ذلك: فَمَنْ قائل: إنَّهما شيء
واحد، وهم الجمهور. ومَنْ قائل: إنَّهما متغايران.
والتحقيق أنَّ لفظ الرُّوح والنَّفْسِ يُعَبَّرُ بِهِمَا
عَنْ عِدَّةِ مَعَانٍ، فيتحد مدلولها تارة ويختلف تارة، فالنفس تطلق على أمور:
منها: الرُّوح، يقال: خرجت نفسه،
أي: روحه، ومنه قوله تعالى: ﴿أَخۡرِجُوٓاْ
أَنفُسَكُمُۖ﴾ [الأنعَام: 93]
.
ومنها: الذَّات، يقال: رأيت زيدًا
نفسه وعينه، ومنه قوله تعالى: ﴿فَسَلِّمُواْ
عَلَىٰٓ أَنفُسِكُمۡ﴾ [النُّور: 61] .
ومنها: الدَّم، يقال: سالت نَفْسَه، ومنه قول الفقهاء: ما له نفسٌ سائلة، وما ليس له نفس سائلة، ومنه يقال: نَفَسَتْ المرأة إذا حاضت ونَفَسَتْ إذا نفسها ولدها، ومنه النُفَسَاءُ.
الصفحة 1 / 367
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد