1- الشرك في الخوف:
الخوف كما عرَّفه العلماء: توقُّع مكروه عن
أمارة مظنونة أو معلومة، وهو ثلاثة أقسام:
الأول: خَوَّفَ السَّرِّ، وهو أَنْ
يخاف مِنْ غير اللَّه مِنْ وَثَنٍ أو طاغوت أو ميِّت أو غائب مِنْ جنٍ أو إنسٍ
أَنْ يصيبه بما يكره، كما قال اللَّه عن قوم هود عليه السلام : إِنَّهم قالوا
له: ﴿إِن
نَّقُولُ إِلَّا ٱعۡتَرَىٰكَ بَعۡضُ ءَالِهَتِنَا بِسُوٓءٖۗ قَالَ إِنِّيٓ أُشۡهِدُ
ٱللَّهَ وَٱشۡهَدُوٓاْ أَنِّي بَرِيٓءٞ مِّمَّا تُشۡرِكُونَ ٥٤مِن دُونِهِۦۖ
فَكِيدُونِي جَمِيعٗا ثُمَّ لَا تُنظِرُونِ ٥٥﴾ [هُود: 54-55].
وقد خَوَّفَ المشركون رسول اللَّه محمدًا صلى الله عليه
وسلم مِنْ أوْثَانِهم، كما قال تعالى: ﴿وَيُخَوِّفُونَكَ
بِٱلَّذِينَ مِن دُونِهِۦۚ﴾ [الزُّمَر: 36]
، وهذا الخوف مِنْ غير اللَّه هو الواقع اليوم مِنْ عُبَّادِ القبور وغيرها مِنْ
الأوثان، يخافونها، ويخوفون بها أهل التَّوْحِيْد إذا أنكروا عبادتها وأمروا
بإخلاص العبادة للَّه.
وهذا النوع مِنْ الخوف مِنْ أَهَمِّ أنواع العبادة، يجب
إخلاصه للَّه وحده، قال تعالى: ﴿فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ
إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾ [آل عِمرَان: 175]، وقال
تعالى: ﴿فَلَا تَخۡشَوۡهُمۡ
وَٱخۡشَوۡنِۚ﴾ [المَائدة: 3]
وهذا الخوف مِنْ أعظم مقامات الدين وأجلها، فمَن صَرَفَهُ لغير اللَّه، فقد
أَشْرَك باللَّه الشرك الأكبر والعياذ باللَّه.
الثاني: مِنْ أنواع الخوف: أَنْ يترك الإنسان
ما يجب عليه خوفًا مِنْ بعض الناس، فهذا محرمٌ، وهو شركٌ أصغر، وهذا هو المذكور في
قوله تعالى: ﴿ٱلَّذِينَ
قَالَ لَهُمُ ٱلنَّاسُ إِنَّ ٱلنَّاسَ قَدۡ جَمَعُواْ لَكُمۡ فَٱخۡشَوۡهُمۡ
فَزَادَهُمۡ إِيمَٰنٗا وَقَالُواْ حَسۡبُنَا ٱللَّهُ وَنِعۡمَ ٱلۡوَكِيلُ ١٧٣فَٱنقَلَبُواْ
بِنِعۡمَةٖ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضۡلٖ لَّمۡ يَمۡسَسۡهُمۡ سُوٓءٞ وَٱتَّبَعُواْ رِضۡوَٰنَ
ٱللَّهِۗ وَٱللَّهُ ذُو فَضۡلٍ عَظِيمٍ ١٧٤إِنَّمَا ذَٰلِكُمُ ٱلشَّيۡطَٰنُ
يُخَوِّفُ أَوۡلِيَآءَهُۥ فَلَا تَخَافُوهُمۡ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ
١٧٥﴾[آل عِمرَان: 173-175].
الصفحة 1 / 367