ثانيًا: الإيمان باليوم الآخر:
وسُمِّي باليوم الآخر، لتأخُرِهِ عن الدُّنْيَا.
وقد دلَّ عليه العقل والفطرة، كما صرّحت به جميع الكتب
السماوية، ونادى به الأنبياء والمرسلون.
وقد أخبر اللَّه عنه في كتابه العزيز، وأقام الدليل
عليه، وَرَدَّ على المنكرين له في غالب سور القرآن.
والإقرار بالرب عام في بني آدم، وهو فطري، كلهم يُقِرُّ
بالرب، إلا مَنْ عاند - كفرعون- ، بخلاف الإيمان باليوم الآخر، فإِنَّ منكريه
كثيرون.
ومحمد صلى الله عليه وسلم لما كان خاتم الأنبياء، وكان
قد بعث هو والساعة كهاتين، بين تفصيل الآخرة بيانا لا يوجد في شيء مِنْ كتب الأنبياء.
وقد تنوعت أدلة البعث في القرآن الكريم:
فتارة يخبر عمَّن أماتهم ثم أحياهم في الدُّنْيَا كما
أخبر عن قوم موسى الَّذِين قالوا: ﴿أَرِنَا ٱللَّهَ
جَهۡرَةٗ﴾ [النِّسَاء: 153] ، قال: ﴿وَإِذۡ قُلۡتُمۡ
يَٰمُوسَىٰ لَن نُّؤۡمِنَ لَكَ حَتَّىٰ نَرَى ٱللَّهَ جَهۡرَةٗ فَأَخَذَتۡكُمُ ٱلصَّٰعِقَةُ
وَأَنتُمۡ تَنظُرُونَ ٥٥ثُمَّ بَعَثۡنَٰكُم مِّنۢ بَعۡدِ مَوۡتِكُمۡ﴾[البَقَرَة: 55-56] ،
وعن﴿ٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن
دِيَٰرِهِمۡ وَهُمۡ أُلُوفٌ حَذَرَ ٱلۡمَوۡتِ فَقَالَ لَهُمُ ٱللَّهُ مُوتُواْ
ثُمَّ أَحۡيَٰهُمۡۚ﴾ [البَقَرَة: 243]
، وعن إبراهيم إذ قال: ﴿رَبِّ
أَرِنِي كَيۡفَ تُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰۖ﴾ [البَقَرَة: 260]... القصة، وكما أخبر عن
المسيح أنَّه كان يحيي الموتى بإذن اللَّه، وعن أصحاب الكهف أنَّهم بُعِثُوا بعد
ثلاث مائة سنة وتسع سنين.
وتارة يستدل على ذلك بالنشأة الأولى، فإِنَّ الإعادة
أهون مِنْ الابتداء، كما في قوله: ﴿إِن
كُنتُمۡ فِي رَيۡبٖ مِّنَ ٱلۡبَعۡثِ فَإِنَّا خَلَقۡنَٰكُم مِّن تُرَابٖ﴾ [الحَجّ: 5] الآية،
وقوله: ﴿قُلۡ
يُحۡيِيهَا ٱلَّذِيٓ أَنشَأَهَآ أَوَّلَ مَرَّةٖۖ﴾ [يس: 79] ،
الصفحة 1 / 367