قال تعالى عن
الإنسان: ﴿وَلَئِنۡ
أَذَقۡنَٰهُ رَحۡمَةٗ مِّنَّا مِنۢ بَعۡدِ ضَرَّآءَ مَسَّتۡهُ لَيَقُولَنَّ
هَٰذَا لِي وَمَآ أَظُنُّ ٱلسَّاعَةَ قَآئِمَةٗ وَلَئِن رُّجِعۡتُ إِلَىٰ
رَبِّيٓ إِنَّ لِي عِندَهُۥ لَلۡحُسۡنَىٰۚ فَلَنُنَبِّئَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ
بِمَا عَمِلُواْ وَلَنُذِيقَنَّهُم مِّنۡ عَذَابٍ غَلِيظٖ﴾[فُصّلَت: 50] ،
فقوله: ﴿هَٰذَا لِي﴾ [فُصّلَت: 50] ،
أي: حصلت على هذا بعلمي، وأنا محقوق به، لا أنَّه تَفَضُّلٌ مِنْ اللَّه ونعمةٌ
ليس بحول العبد ولا بقوته.
وقال تعالى عن قارون الذي آتاه اللَّه الكنوز العظيمة
فبغى على قومه وقد وعظه الناصحون وأمروه بالاعتراف بنعمة اللَّه والقيام بشكرها
فكابر عند ذلك وقال: ﴿إِنَّمَآ أُوتِيتُهُۥ
عَلَىٰ عِلۡمٍ عِندِيٓۚ﴾ [القَصَص: 78]
، أي: حصلت على هذه الكنوز بسبب حذقي ومعرفتي بوجوه المكاسب، لا أنَّها تفضلٌ مِنْ
اللَّه تعالى، فكانت عاقبته مِنْ أسوء العواقب، وعقوبته مِنْ أشد العقوبات، حيث
خسف اللَّه به وبداره الأرض لما جحد نعمة اللَّه ونسبها إلى غيره وأنَّه حصل عليها
بحوله وقوَّتِه.
وما أحرى هؤلاء الذين اغترُّوا في زماننا بما توصلوا
إليه مِنْ مخترعات وقدرات أقدرهم اللَّه عليها امتحانًا لهم فلم يشكروا نعمة
اللَّه وصاروا يتشدقون ويتفاخرون بحولهم وقوتهم وبغوا في الأرض بغير الحق وتطاولوا
على عباد اللَّه، ما أحراهم بالعقوبة.
فقد اغترَّت قبلهُم عادٌ بقوتها كما قال اللَّه تعالى عنهم: ﴿فَأَمَّا عَادٞ فَٱسۡتَكۡبَرُواْ فِي ٱلۡأَرۡضِ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَقَالُواْ مَنۡ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةًۖ أَوَ لَمۡ يَرَوۡاْ أَنَّ ٱللَّهَ ٱلَّذِي خَلَقَهُمۡ هُوَ أَشَدُّ مِنۡهُمۡ قُوَّةٗۖ وَكَانُواْ بَِٔايَٰتِنَا يَجۡحَدُونَ ١٥فَأَرۡسَلۡنَا عَلَيۡهِمۡ رِيحٗا صَرۡصَرٗا فِيٓ أَيَّامٖ نَّحِسَاتٖ لِّنُذِيقَهُمۡ عَذَابَ ٱلۡخِزۡيِ فِي ٱلۡحَيَوٰةِ ٱلدُّنۡيَاۖ وَلَعَذَابُ ٱلۡأٓخِرَةِ أَخۡزَىٰۖ وَهُمۡ لَا يُنصَرُونَ ١٦﴾[فُصّلَت: 15-16].