×
اَلْإِرْشَاد إِلَى صَحِيحِ اَلْاَعَتَقَادُ

 أَبْرَصَ يَقْذَرُكَ النَّاسُ؛ فَقِيرًا فَأَعْطَاكَ اللَّهُ الْمَالَ؛ فَقَالَ: لَقَدْ وَرِثْتُ لِكَابِرٍ عَنْ كَابِرٍ فَقَالَ: إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الأَْقْرَعَ فِي صُورَتِهِ وَهَيْئَتِهِ، فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِهَذَا فَرَدَّ عَلَيْهِ مِثْلَ مَا رَدَّ عَلَيْهِ هَذَا، فَقَالَ : إِنْ كُنْتَ كَاذِبًا، فَصَيَّرَكَ اللَّهُ إِلَى مَا كُنْتَ، وَأَتَى الأَْعْمَى فِي صُورَتِهِ فَقَالَ: رَجُلٌ مِسْكِينٌ وَابْنُ سَبِيلٍ، وَتَقَطَّعَتْ بِيَ الْحِبَالُ فِي سَفَرِي، فَلاَ بَلاَغَ الْيَوْمَ إِلاَّ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ، أَسْأَلُكَ بِالَّذِي رَدَّ عَلَيْكَ بَصَرَكَ، شَاةً أَتَبَلَّغُ بِهَا فِي سَفَرِي فَقَالَ: قَدْ كُنْتُ أَعْمَى فَرَدَّ اللَّهُ إليَّ بَصَرِي، فَخُذْ مَا شِئْتَ، فَوَاللَّهِ، لاَ أَجْهَدُكَ الْيَوْمَ بِشَيْءٍ أَخَذْتَهُ لِلَّهِ فَقَالَ: أَمْسِكْ مَالَكَ، فَإِنَّمَا ابْتُلِيتُمْ، فَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنْكَ وَسَخِطَ عَلَى صَاحِبَيْكَ» ([1]).

وهذا حديثٌ عظيمٌ فيه مُعتبرٌ، فإنِّ الأوليْن جَحَدَا نِعْمَةَ اللَّه، وَلَمْ ينسباها إليه، ومنعا حق اللَّه في مالهما، فحَلَّ عليهما سخط اللَّه، وسلبت منهما النعمة. والآخر اعترف بنعمة اللَّه، ونَسَبَهَا إليه، وأدى حق اللَّه فيها، فاستحق الرضى مِنْ اللَّه، ووفر اللَّه ماله لقيامه بشكر النعمة.

قال ابن القيم: «أصل الشُّكر هو الاعتراف بإنعام المُنْعِم على وجه الخضوع له والذلِّ والمحبَّة، فَمَنْ لم يعرف النعمة، بل كان جاهلا بها، لم يشكرها، ومَن عرفها ولم يعرف المنعم بها، لم يشكرها أيضًا، ومِنْ عرف النعمة والمنعم، لكن جحدها كما يجحد المُنْكِر النعمة والمنعم عليه بها، فقد كفرها، ومِنْ عرف النعمة والمنعم بها، وأقر بها ولم يجحدها، ولكن لم يخضع له ولم يحبه ويرض به وعنه، لم يشكره أيضًا، ومِنْ عرفها وعرف المنعم بها، وأقر بها وخضع للمنعم بها وأحبه ورضي به وعنه،


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (3464)، ومسلم رقم (2964).