وقال في موضع آخر: «والصَّوَابُ أنَّهَا لَيْسَتْ
مُرَكَّبَةً مِنْ الجَوَاهِر الَفرِدَة، وَلا مِنْ المَادَّةِ والصُّوْرَة، وليست
مِنْ جنس الأجسام المتميزات المشهُودة المعهُودة، وأمَّا الإشارة إليها، فإنَّه
يُشَار إلَيْهَا، وتَصْعَدُ، وتَنْزِلُ، وتَخْرُج مِنْ البدن، وتسيل منه، كما جاءت
بذلك النَّصُوْصُ ودَلَّتْ عَلَيْه الشَّوَاهِد العقلَّية.
وأمَّا قول القائل: أين مَسْكَنُهَا مِنْ الجَسَد؟ فَلا
اخْتِصَاصَ للرُّوْح بشَيْء مِنْ الجَسَد، بَلْ هي سَارِيَةٌ في الجَسَد كمَا
تَسْري الحَيَاة الَّتِيْ هي عَرَضٌ في جميع الجسد، فإِنَّ الحياة مشُروطةٌ
بالرُّوْح، فإذا كانت الرُّوْح في الجَسَدِ، كَانَ فيه حَيَاةٌ، وإذا فَارقته
الروح، فارقته الحياة».
· الرُّوح مخلوقة:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «رُوْحُ
الآدَمِيَّ مَخْلُوقَةٌ مُبْدَعَةٌ بِاتِّفَاقِ سَلف الأمَّة وأئَّمِتِهَا
وَسَائِر أهْلِ السُّنَّة، وَقَدْ حَكَى إجْمَاعَ العُلماء على أَنََّّهَا
مَخْلُوقَةٌ غَيْرُ واحد مِنْ أئمَّة المُسْلمين».
وقال تلميذه العلامة ابن القيم رحمه الله : «والَّذِي
يَدُل على خَلقِها وُجُوهٌ...، وذكر اثني عشر وجهًا:
منها: قول اللَّه تعالى: ﴿ٱللَّهُ خَٰلِقُ كُلِّ شَيۡءٖ﴾ [الرّعد: 16] ، فهذا اللفظ عام، لا تخصيص فيه
بوجه ما، ولا يدخل في ذلك صفاته، فإِنَّها داخلة في مسمى اسمه، فاللَّه - سبحانه-
هو الإله الموصوف بصفات الكمال، وهو - سبحانه- بذاته وصفاته الخالق وما سواه
مخلوق.
ومنها: قوله تعالى: ﴿وَقَدۡ خَلَقۡتُكَ مِن قَبۡلُ وَلَمۡ تَكُ شَيۡٔٗا﴾ [مَريَم: 9] ، وهذا الخطاب لرُوْحِهِ وبدنه، وليس لبدنه فقط، فإِنَّ البدن وحده لا يفهم ولا يخاطب ولا يعقل، وإنمَّا الَّذِي يفهم ويعقل ويخاطب هو الروح.
الصفحة 2 / 367
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد