وقال سبحانه: ﴿فَمَن يَعۡمَلۡ
مِثۡقَالَ ذَرَّةٍ خَيۡرٗا يَرَهُۥ ٧وَمَن يَعۡمَلۡ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ شَرّٗا يَرَهُۥ
٨﴾ [الزّلزَلة: 7-8] .
ومِنْ الحساب إجراء القَصَاص بين العباد، فيقتص للمظلوم
مِنْ الظالم، كما في صحيح مسلم عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ
اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لَتُؤَدُّنَّ
الْحُقُوقَ إِلَى أَهْلِهَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ حَتَّى يُقَادَ لِلشَّاةِ
الْجَلْحَاءِ مِنْ الشَّاةِ الْقَرْنَاءِ» ([1]).
والحساب متفاوت، فمنه الحساب العسير، ومنه الحساب
اليسير.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله : «يُحَاسِب اللَّه
تعالى الخَلْق، ويَخْلُو بعبْدِه المُؤْمن، ويقرِّرُه بِذُنُوِبه، كما وُصِفَ ذلك
في الكِتَاب والسُّنَّة. وأمَّا الكُفَّار، فلا يُحَاسَبُون مُحَاسَبة مَن توزن
حَسَناتُهُ وسيِّئَاتُه، فإنَّهُمْ لا حسناتٌ لهُم، ولَكِنْ تُعَدُّ أعْمَالهم
وَتُحْصِى، فَيُوْقَفُون عَلَيْهَا وَيُقَرَّروُن بها». انتهى.
وأوَّل ما يحاسب عليه العبد صلاته، وأوّل ما يقضى بين النَّاس في الدماء، كما في الحديث الَّذِي رواه الترمذي، - وحسنه- ، وأبو داود، والحاكم - وصححه- عن أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه ، عَنْ النَّبِي صلى الله عليه وسلم أنَّه قَالَ: «إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمْ الصَّلاَةُ»، قَالَ: «يَقُولُ رَبُّنَا عز وجل لِمَلاَئِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ: انْظُرُوا فِي صَلاَةِ عَبْدِي أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا؟، فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً، وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ: انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِي مِنْ تَطَوُّعٍ؟ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ، قَالَ: أَتِمُّوا لِعَبْدِي فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ، ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَْعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ» ([2]).
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2582).
الصفحة 2 / 367