فأقول مستعينًا بالله: اعلم أنَّ الكلام على هذه
الأطراف يَتوَقَّفُ على إيضاح ألفاظٍ، هي مَنْشَأُ الاختلاف والالتباس؛ فمنها:
«الاستِغَاثَة» بالغين المُعجَمَة والمُثلَّثة، ومنها: «الاستِعَانَة» بالعين
المُهمَلَة والنُّون، ومنها: «التَّشَفُّع»، ومنها «التَّوسُّل».
فأما الاستِغَاثَة
بالمُعجَمَة والمُثلَّثة: فهي طَلَبُ الغَوْثِ، وهو إزالةُ الشِّدَّةِ كالاستنصار
- وهو طَلَبُ النَّصر-، ولا خلافَ أنه يَجُوزُ أن يُستَغَاثَ بالمخلوق .
****
معه عبادةٌ لِلمُتوَسَّل به، بدعةٌ ووسيلةٌ إلى
الشِّركِ، فلا يَجُوزُ التَّوسُّلُ بالميتِ بِوَجهٍ مِن الوجوه، وأما الحيُّ
فيجوزُ التَّوسُّلُ به بِطَلَبِ دعائِهِ لكَ.
قوله: «الاستِغَاثَة» بالثَّاءِ، معناها: طَلَبُ الغَوْثِ، وهي لا تَكُون
إلاَّ عند الشِّدَّةِ، بخلاف الاستِعَانَة فإنها تَكُون عند غير الشِّدَّة إذا
احْتَجْتَ لِشيءٍ تَطلُبُ مَن يُعِينُكَ مِن الحاضِرِين، فالاستِغَاثَة بالحَيِّ
فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ عند الشِّدَّةِ: جائزةٌ، كما قال الله جل وعلا عن موسى
عليه السلام: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ
ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾
[القصص: 15]، تَستَغِيثُ بِمَنْ يَحْمِيكَ مِن العَدُوِّ، بِمَن يَحْمِيكَ مِن
السَّبُعِ ومِنَ الخَطَرِ، وهو يَقدِر على هذا، وهو حيٌّ حاضرٌ، فلا بأسَ.
فالاستِغَاثَة
جائزةٌ، أما الاستِغَاثَة فيما لا يَقدِرُ عليه إلاَّ اللهُ فلا يجوزُ، لا مِن
الأحياءِ ولا مِن الأموات، مثل: جَلْبِ الرِّزقِ، وإنزالِ المَطَرِ، وكَشْفِ
المَرَضِ وغير ذلك، فهذا لا يَقدِرُ عليه إلاَّ اللهُ عز وجل.
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد