×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

«إلا الله»: هذا إيمانٌ بالله وَحْدَهُ، فهي العروة الوُثقَى، وهي كلمة التَّقوى، وهي كلمة الإخلاص، وهي مفتاح الجَنَّة كما في الحديث: «مِفْتَاحُ الْجَنَّةِ شَهَادَةُ أَنَّ لاَ إِلَهِ إلاَّ اللهُ» ([1])، ومَن كانت آخِرَ كلامه دَخَلَ الجَنَّة ([2])، وليس المُراد النُّطق بها فقط، بل المراد النُّطق بها مع اعتقاد معناها، والعمل بمقتضاها، أمَّا النُّطق بها مِن غير معرفةٍ لمعناها ومِن غير عملٍ بمقتضاها فإنه لا يُفِيد شيئًا.

وقوله: «إِخْلاَصِ كَلِمَةِ التَّوْحِيدِ»؛ لأن هناك مَن يقول: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» ولا يُخلِص العبادة لله، وهُم على قِسمَين:

القِسم الأوَّل: المنافقون الذين يَقولونها بألسنتهم ولا يَعتقِدونها في قلوبهم، وإنما يَقولونها نِفاقًا.

القِسم الثاني: القُبُورِيُّونَ الذين يَقولونها بألسنتهم ولا يَعملُون بمقتضاها، فيَعبُدون غير الله مِن الموتى والقبور، وهم يقولون: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» بألسنتهم، ويُخالِفونها بأفعالهم، فلا تَنفعهم «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، لأنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللهِ، وَيُقِيمُوا الصَّلاَةَ، وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ، فَإِذَا فَعَلُوا عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إلاَّ بِحَقِّهَا، وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللهِ» ([3])، فمَن قال: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» فإنه يُحكَم بإسلامه، ويُكَفُّ عنه


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (22102)، والبزار رقم (2660)، والطبراني في «الدعاء» رقم (1479).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (3116)، وأحمد رقم (22034)، والحاكم رقم (1299).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (25)، ومسلم رقم (22).