للأنصار: «قُومُوا
إِلَى سَيِّدِكُمْ» ([1])؛
يَعْنِي: سعد بْن معاذ رضي الله عنه فَهَذِهِ سيادةٌ خَاصَّةٌ، أَمَّا السِّيادة
العَامَّة فَهِيَ لله عز وجل.
وَالرَّسُول
سَيِّدٌ بلا شك؛ لأنه قَالَ فِي الحَدِيث الصَّحِيح: «أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلاَ فَخْرَ» ([2])،
وَقَالَ صلى الله عليه وسلم فِي الحَسَنِ بْنِ عَلِيٍّ رضي الله عنهما: «إِنَّ ابْنِي هَذَا سَيِّدٌ، وَلَعَلَّ
اللهَ أَنْ يُصْلِحَ بِهِ بَيْنَ فِئَتَيْنِ عَظِيمَتَيْنِ مِنَ الْمُسْلِمِينَ»
([3]).
فَهَذِهِ سيادةٌ خَاصَّةٌ، أَمَّا السيادة العَامَّة فَلاَ تُطلَق إلاَّ عَلَى
الله عز وجل، ولا يُقَال للشخص فِي وَجهِهِ وبحضوره: أَنْتَ سَيِّدُنَا؛ لأن هَذَا
فيه إطراء، وَقَد يَغتَرُّ الشَّخْصُ ويُعجَب بِنَفْسِهِ.
وَهَذَا
مِن سَدِّ الوسائل إِلَى الشِّرْك، حَيْثُ خَشِيَ عَلَيْهِمْ مِن الغُلُوِّ مَعَ
أنه سَيِّدُهُم عليه الصلاة والسلام، فَهُوَ سَيِّدُ البَشَرِ، لَكِنَّهُ خَشِيَ
عَلَيْهِمْ مِن الغُلُوِّ والإطراءِ، فَسَدَّ هَذَا الطَّرِيقَ، كَمَا أَنَّهُم
لَمَّا قَالُوا: «قوموا بنا نستغيث
بِرَسُول الله من هَذَا المُنَافِق»، قَالَ: «إِنَّهُ لاَ يُسْتَغَاثُ بِي، إِنَّمَا يُسْتَغَاثُ بِاللَّهِ عز وجل »،
وَهَذَا مِن بَاب سَدِّ الطُّرُقِ المُفضِيَة إِلَى الشِّرْك ومَنْعِ الغُلُوِّ
والإطراءِ.
قَوْله:
«قُولُوا بِقَوْلِكُمْ أَوْ بَعْضِ
قَوْلِكُمْ»؛ يَعْنِي: القَوْلَ العَادِيَّ الَّذِي لَيْسَ فيه مبالَغةٌ،
وَهَذَا مِنْهُ صلى الله عليه وسلم تَعْلِيمٌ لِلأُمَّةِ وتحذيرٌ من الغُلُوِّ.
قَوْله: «أَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللهِ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ» هَذِهِ مَنزِلَتُهُ صلى الله عليه وسلم أنه عَبْدٌ وَرَسُولٌ، وَهَذَا هُوَ الشَّرَف أن يَكُون عبدًا لله ورسوله؛ أَرْسَلَهُ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (3043)، ومسلم رقم (1768).
الصفحة 1 / 327