×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

قَوْله: «سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ»؛ لأن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم لما التَزَمَ بأنه سَيَشفع لأهل المحشر لم يَذهَب إِلَى ربه عَلَى الفَوْر، ويَطلب مِنْهُ أن يَفصِل بينهم، بل سَجَدَ تَحْتَ العَرْش، وَدَعَا رَبَّهُ وَأَطَالَ السُّجُود وَالدُّعَاء، حَتَّى قِيلَ لَهُ: «يَا مُحَمَّدُ ارْفَعْ رَأْسَكَ، سَلْ تُعْطَهْ، وَاشْفَعْ تُشَفَّعْ» فاستأذَنَ رَبَّهُ، كما قَالَ تَعَالَى: ﴿مَن ذَا ٱلَّذِي يَشۡفَعُ عِندَهُۥٓ إِلَّا بِإِذۡنِهِۦۚ [البَقَرَة: 255]، وأيضًا لاَ بُدَّ أن يَكُون المَشْفُوع فيه مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيد، أَمَّا المُشْرِك فَلاَ تَنفعه شفاعة الشَّافِعِينَ فِي نجاته من النَّار، والمؤمن تَنفعه شفاعة الشَّافِعِينَ بِإِذْنِ اللهِ؛ فيَخرُج من النَّار إِذا دَخَلَها، أو لا يَدخُلها.

قَوْله: «وَذَلِكَ هُوَ المقام المحمود الَّذِي وَعَدَه الله به فِي كِتَابه العَزِيز»، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَمِنَ ٱلَّيۡلِ فَتَهَجَّدۡ بِهِۦ نَافِلَةٗ لَّكَ عَسَىٰٓ أَن يَبۡعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامٗا مَّحۡمُودٗا [الإِسْرَاء: 79]. وَهَذَا المقام المحمود هُوَ الشَّفَاعَة العُظْمَى لأهل المحشر؛ لأنه يَحمَده عَلَيْهِ الأَوَّلُونَ والآخِرون عليه الصلاة والسلام، وهذه الشَّفَاعَة من خصائصه صلى الله عليه وسلم.


الشرح