ومِن ذلك ما أَخرَجَه الترمذيُّ وصَحَّحَه عن أبي
واقدٍ الليثيِّ رضي الله عنه قال: خَرَجْنَا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى
حُنَيْنٍ، ونحن حدثاء عَهْدٍ بِكُفر،
****
مُوَحِّدُون
ولا حاجةَ إلى تدريسهم التَّوحِيد، ونقول: كم انْحَرَفَ مِن مسلمٍ بسبب هذه
الجهالات وهذه الضلالات؟ فلا بُدَّ للمسلم أن يَعرِف هذه الأمورَ، فإذا لم
يَعرِفْهَا فقد يَقَعُ فيها، مثلما وَرَدَ في هذا الحديثِ.
قول أبي واقد رضي الله عنه: «خَرَجْنَا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلى حُنَين»؛ يعني: إلى غزوة حُنَين، وكانت بعد فَتْحِ مكة في شوال؛ لأن فَتْحَ مكة كان في رمضان، ثم لما بَلَغَ قبيلة هوازن، وكانوا بجوار مكة، لما بَلَغَهم أن الرسول صلى الله عليه وسلم فَتَحَ مكة، وانتَصَرَ على أهلها خافوا أن يَصِلَ إليهم، فاجتَمَعُوا وجَمَعُوا كيدهم يريدون غَزْوَ رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل أن يغزوهم، وبَلَغَ ذلك رسولَ الله صلى الله عليه وسلم، فأَمَرَ المسلمين ممن جاء معه من المهاجرين والأنصار ومن حولهم من أهل مكة أن يتجهزوا إليهم، فتجَهَّزَ باثني عشر ألف مقاتِلٍ مدَجَّجِين بالأسلحة، وخَرَجُوا يريدون حُنَينًا، وهو وادٍ قريبٌ من مكة، عند الجعرانة، وكان العدو قد اجتَمَعَ في هذا الوادي، فَالْتَقَى رسولُ الله مع المشركين هناك، وجَرَت الواقعة - كما ذَكَرَهَا اللهُ-: ﴿لَقَدۡ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٖ وَيَوۡمَ حُنَيۡنٍ إِذۡ أَعۡجَبَتۡكُمۡ كَثۡرَتُكُمۡ فَلَمۡ تُغۡنِ عَنكُمۡ شَيۡٔٗا وَضَاقَتۡ عَلَيۡكُمُ ٱلۡأَرۡضُ بِمَا رَحُبَتۡ ثُمَّ وَلَّيۡتُم مُّدۡبِرِينَ ٢٥ثُمَّ أَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُۥ عَلَىٰ رَسُولِهِۦ وَعَلَى ٱلۡمُؤۡمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُودٗا لَّمۡ تَرَوۡهَا وَعَذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْۚ وَذَٰلِكَ جَزَآءُ ٱلۡكَٰفِرِينَ ٢٦﴾ [التوبة: 25- 26]، فحَصَلَ على المسلمين ضنكٌ، وضيقٌ في هذه الغزوة، حتى إنهم انهزموا ولم يَبْقَ إلاَّ الرسول صلى الله عليه وسلم قريبًا من العدو على
الصفحة 1 / 327