×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وللمشْركين سدرة يعكفون عليها، وينوطون بها أسْلحتهمْ، يُقال لها: ذَاتُ أنْواطٍ، فمررنا بسدرة، فقلنا: يا رسُول الله اجْعَلْ لنا ذات أنْواطٍ كما لهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اللهُ أَكْبَرُ، إِنَّهَا السَّنَنُ قُلْتُمْ وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، كَمَا قَالَتْ بَنُو إِسْرَائِيلَ: ﴿ٱجۡعَل لَّنَآ إِلَٰهٗا كَمَا لَهُمۡ ءَالِهَةٞۚ قَالَ إِنَّكُمۡ قَوۡمٞ تَجۡهَلُونَ [الأعراف: 138] لَتَرْكَبُنَّ سَنَنَ مَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ» ([1]).

****

 بغلته، ونادى الصحابةَ، وأَمَرَ عَمَّه العباسَ وناداهم، فلما سَمِعُوا الداعيَ رَجَعُوا إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وأحاطوا به، ودارت المعركة من جديد، وأَنزَلَ اللهُ الملائكةَ تساعِد المسلمين وتَخذل الكفرَ، فانتَصَرَ المسلمون على المشركين، وغَنمُوا ما معهم، فقد جاءوا بنسائهم وأولادهم وأموالهم إلى هذا المكان، فلما انتَصَرَ المسلمون عليهم أخذوها غنيمةً في سبيل الله عز وجل، فكانت قوة للمسلمين، ثم إن الله هدى هوازن وأَسلَمُوا وطَلَبُوا من الرسول صلى الله عليه وسلم أن يَرُدَّ عليهم ما أَخَذَ منهم، فالرسول صلى الله عليه وسلم جَمَعَ الصحابةَ وعَرَضَ عليهم أن يَرُدُّوا على هوازن ما أُخِذَ منهم، فطابت أنفس الصحابة بذلك، ورَدُّوا عليهم ما أَخَذُوا منهم، هذا مُلَخَّص هذه الغزوة.

 والشاهد منها: أن هؤلاء الذين خَرَجُوا مع الرسول صلى الله عليه وسلم منهم مَن أَسْلَمَ عام الفتح، قريبًا، ليس له إلاَّ أيام في الإسلام، ويَجهَل مسائل التَّوحِيد؛ لهذا قال: «ونحن حدثاء عَهْدٍ بِكُفرٍ»؛ أي: شرك وجاهلية، ما عَرفوا أحكام التَّوحِيد بعد، فمَرُّوا على قومٍ مِن المشركين


الشرح

([1])  أخرجه: الترمذي رقم (2180)، وأحمد رقم (21897)، وابن حبان رقم (6702).