والأحاديث في هذا الباب كثيرة، وفيها التصريح
بِلَعْن مَن اتَّخَذَ القبور مساجد، مع أنه لا يَعبُد إلاَّ اللهَ، وذلك لِقَطْعِ
ذريعة التشريك، ودَفْعِ وسيلة التعظيم.
****
قوله: «والأحاديث في هذا الباب كثيرة» الأحاديث في بيان الشرك والتحذير منه،
وما وَقَعَ فيه الناس بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم وبعد القرون المفضَّلة
شيءٌ كثيرٌ، وكلما تأخَّرَ الزمان يزيد الشر وتزيد الفتن إلى أن تَقُوم الساعة،
فالإسلام الصحيح غريبٌ في آخِرِ الزمان، كما قال صلى الله عليه وسلم: «بَدَأَ الإِْسْلاَمُ غَرِيبًا، وَسَيَعُودُ
كَمَا بَدَأَ غَرِيبًا، فَطُوبَى لِلْغُرَبَاءِ» ([1])،
قالوا: يَا رَسُولَ اللهِ، وَمَنِ الْغُرَبَاءُ؟ قَالَ: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ إِذَا فَسَدَ النَّاسُ» ([2])،
وفي روايةٍ: «الَّذِينَ يُصْلِحُونَ مَا
أَفْسَدَ النَّاسُ» ([3])،
فهم صالحون في أنفسهم ويُصلِحون ما أَفسَدَ الناس، فهؤلاء هم الغرباء؛ لأن مَن
يخالفهم كثير، ومن يَمقتهم كثير، حتى ممن ينتسبون إلى الإسلام، يمقتونهم ويذمونهم،
فيصيرون غرباء بين الناس.
قوله: «وفيها التصريح بِلَعْنِ مَن اتَّخَذَ القبورَ مساجدَ مع أنه لا يَعبُد إلاَّ اللهَ» فصلاته لله ولم يَقصِد القبر، وإنما ظَنَّ أن الصلاة عند القبر فيها فضيلة، وأنها يُرجى قبولها، فهو ملعون، مع أنه يَتقرَّب إلى الله، واللعن: معناه الطرد والإبعاد عن رحمة الله، فهم مطرودون من رحمة الله، ومُبعَدون عنها إذا صَلُّوا لله عند القبور، فكيف إذا صَلُّوا يتَقَرَّبون
([1]) أخرجه: مسلم رقم (145).
ذكر الفقهاء رحمهم الله ما يشترط في الإمام والخطيب بأن يكون مؤهلاً تأهيلاًً علمياً ومن أهم ذلك أن يكون مجيداً لقراءة كتاب الله عز وجل عارفاً بمعانيه ، وأن يكون فقيهاً ولو على الأقل بأحكام الصلاة وما ينوبها وما يحتاجه الإمام في صلاته هذا الحد