وغاب رَقِيبُه مِن الغرب، فكل نجم له رقيبٌ،
تتعاقب، فإذا غاب هذا طَلَعَ هذا، وهم يعتقدون بالنجوم إذا طَلَعَت أو غَرَبَت أنه
يَحدُث في الأرض حوادث إما خير وإما شر؛ فهذا هو التنجيم، فالتنجيم: هُوَ
الاِسْتِدْلاَلُ على الْحوادث الأْرْضيَّة بالأْحْوال الْفلكيَّة، هكذا عرَّفَه
شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله، وهذا اعتقاد بغير الله عز وجل، وادعاءٌ لِعِلْمِ
الغيب، ولهذا قال: «مَنِ اقْتَبَسَ
شُعْبَةً مِنَ النُّجُومِ» يعني: اعتَقَد في النجوم أنها تُحدث أشياءَ «فَقَدِ اقْتَبَسَ شُعْبَةً مِنَ السِّحْرِ»،
والسِّحر كُفْرٌ، قال الله عز وجل: ﴿وَلَٰكِنَّ ٱلشَّيَٰطِينَ كَفَرُواْ يُعَلِّمُونَ ٱلنَّاسَ
ٱلسِّحۡرَ وَمَآ أُنزِلَ عَلَى ٱلۡمَلَكَيۡنِ بِبَابِلَ هَٰرُوتَ وَمَٰرُوتَۚ
وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ﴾
[البقرة: 102]؛ يعني: الملكان لا يُعَلِّمَان أحدًا السِّحرَ حتى يَنصَحَاه عن
تَعَلُّمِه، فالله أَنزَلَهُما فتنةً للناس، ﴿وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنۡ أَحَدٍ﴾
[البقرة: 102]؛ أي: يُعلِّمَانه السِّحرَ، ﴿حَتَّىٰ يَقُولَا﴾
[البقرة: 102]؛ ينصحاه؛ لأنهم ملائكة، ﴿إِنَّمَا نَحۡنُ فِتۡنَةٞ﴾
[البقرة: 102]؛ يعني: اختبار، ﴿ٓ فَلَا تَكۡفُرۡۖ﴾
[البقرة: 102]؛ يعني: لا تَتَعَلَّم السِّحرَ، فدَلَّ على أن السِّحْرَ كُفْرٌ،
تَعَلُّمه وتَعْلِيمه.
والمُنَجِّمُون
سَحَرَةٌ؛ لأنهم يَعتقدون أن النجوم تُؤثِّر كما يُؤثِّر السِّحرُ، وكله اعتقادٌ
في غير الله سبحانه وتعالى.
أما الاستدلال بالنجوم والشمس والقمر على الحساب فهذا لا بأس به، وهذا يُسمُّونه عِلْمَ التَّسْيِيرِ، والأول: عِلم التَّأْثِير؛ فعِلم التأثير لا يَجُوز، والثاني: عِلم التَّسيير، وهو معرفة الحساب بِمَنَازل الشمس ومَنَازِل القمر وطلوع النجوم؛ لِيُعرَف به وَقْتُ الزراعة ووَقْتُ البذور،
الصفحة 1 / 327