×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فانظر كيف نَفَى كل مَلاَذٍ ما عدا عَبْدَ اللهِ ورسولَهُ صلى الله عليه وسلم، وغَفلَ عَن ذِكْرِ رَبِّهِ، ورَبِّ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم ! إنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون. وَهَذَا بَاب وَاسِعٌ، قَد تَلاَعَبَ الشَّيْطَانُ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَم حَتَّى تَرَقَّوْا إِلَى خِطابِ غير الأَنْبِيَاء بمثل هَذَا الخِطَاب، ودَخَلُوا من الشِّرْك فِي أَبْوَابٍ بكثيرٍ من الأَسْبَابِ.

ومِن ذَلِكَ قَوْلُ مَن يَقُول مخاطِبًا لاِبْن العجيل:

هَات لِي مِنْكَ يَا ابْنَ مُوسَى إِغَاثَةً **** عَاجِلاً فِي سَيْرِهَا حثاثة

****

  قَوْله: «فانظر كيف نَفَى كل ملاذٍ ما عدا عَبْدَ اللهِ ورسولَهُ صلى الله عليه وسلم »، فَفِي قَوْله: «مَا لِي مَنْ أَلُوذُ بِهِ» نَفَى كُلَّ ملاذٍ؛ حَتَّى نَسِيَ اللهَ عز وجل.

قَوْله: «إنا لله وإنا إِلَيْهِ راجعون»، فالمصيبة يُستَرجَع عِنْدَهَا، وهذه مصيبةٌ.

قَوْله: «وَهَذَا بَابٌ وَاسِعٌ قَد تَلاَعَبَ الشَّيْطَانُ بِجَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ الإِسْلاَم» فقد تَلاَعَبَ الشَّيْطَانُ بالمدَّعِين للإسلام، حَتَّى خَاطَبُوا غير الرَّسُول صلى الله عليه وسلم بِأَشَدَّ مِن هَذَا الغُلُوِّ، من الأَوْلِيَاء والصالحين، فيَستغيثون بهم، ويَذبَحون لَهُم، ويَنذِرون لَهُم، ويَهتِفون بِأَسْمَائِهِم إِذا وَقَعُوا فِي شِدَّةٍ أن يُخلِّصُوهم، هَذَا شَيْءٌ مَعْرُوفٌ ومُشاهَدٌ ولا أَحَدَ يُنكِرُه، إلاَّ مَن شَاءَ اللهُ مِن الصَّالِحِينَ.

قَوْله: «ومِن ذَلِكَ قَوْلُ مَن يَقُول مخاطِبًا لاِبْن العجيل»، فـأحدُهم يستغيث بِابْن عجيل، ولا يَستغيث بالله عز وجل، وَابْن عجيل مَيِّتٌ، فَهُوَ يستغيث بالميت، ويَحُثُّهُ عَلَى العَجَلَة فِي إغاثته، ويَنسَى اللهَ سبحانه وتعالى.


الشرح