×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فَهَذَا مَحْض الاستِغَاثَة - الَّتِي لا تَصلُحُ لغير الله - لِمَيِّتٍ مِن الأَمْوَات، قَد صَارَ تَحْتَ أطباق الثَّرَى مُنْذُ مِئِين من السِّنِين، ويَغلِب عَلَى الظَّنِّ أن مِثْل هَذَا البَيْت وَالبَيْت الَّذِي قَبْلَهُ إِنَّمَا وَقَعَا مِن قَائِلَيْهِمَا لِغَفْلَةٍ، وَعَدَم تَيَقُّظٍ، ولا مَقصِد لَهُمَا إلاَّ تَعْظِيم جانِبِ النبوة وَالوِلاَيَة، ولو نُبِّهَا لَتَنَبَّهَا ورَجَعَا، وأَقَرَّا بِالخَطَأِ، وكثيرًا ما يَعرِض ذَلِكَ لأهل العِلْم والأدب والفطنة، وَقَد سَمِعْنَا وَرَأَيْنَا.

****

  قَوْله: «فَهَذَا مَحْض الاستِغَاثَة الَّتِي لا تَصلُح لغير الله»، الاستِغَاثَة بالمخلوق فِيمَا لا يَقدِرُ عَلَيْهِ لا تجوز، فَهِيَ شركٌ بالله عز وجل؛ لأَِنَّهَا نوعٌ من أنواع العِبَادَة، فَلاَ يُستغاث إلاَّ بالله عز وجل.

قَوْله: «لِمَيِّتٍ مِن الأَمْوَات، قَد صَارَ تَحْتَ أطباق الثَّرَى مُنْذُ مِئِين من السِّنِين»؛ يَعْنِي: ابْن العجيل الَّذِي يُنادِيه ويستغيث به، فبَيْنَهُ وَبَيْنَهُ مئات السِّنِين فَهُوَ مَيِّتٌ، رميمٌ، وَمَعَ هَذَا يستغيث به.

قَوْله: «ويَغلِب عَلَى الظَّنِّ أن مِثْل هَذَا البَيْت وَالبَيْت الَّذِي قَبْلَهُ إِنَّمَا وَقَعَا من قَائِلَيْهِمَا لِغَفْلَةٍ، وَعَدَمِ تَيَقُّظٍ، ولا مَقصِد لَهُمَا إلاَّ تَعْظِيمُ جانِبِ النُّبُوَّةِ وَالوِلاَيَة»، هَذَا لَيْسَ بصحيحٍ، فَلَيْسَ عَن غَفْلَةٍ، ولا عَن جَهْلٍ، وَإِنَّمَا عَن قَصْدٍ، وَتَعْظِيمُ النُّبُوَّة لا يَكُون بالغُلُوِّ.

قَوْله: «ولو نُبِّها لتَنَبَّها ورَجَعَا، وأَقَرَّا بِالخَطَأِ، وكثيرًا ما يَعرِض ذَلِكَ لأهل العِلْم والأدب والفطنة، وَقَد سَمِعْنَا ورَأَيْنَا»؛ أي هَذَا يَقَع من غير البوصيري وفي غير ابْن العجيل، يَقَع الغُلُوُّ فِي الأَوْلِيَاء والصالحين، ويعتبرونه من الدِّين، وَالَّذِي لا يَقُول هَذَا فإنهم يَصِفُونه بأنه يَتَنَقَّص الصَّالِحِينَ، فَعبَادَة الصَّالِحِينَ عِنْدَهُم تُعتَبَر تَقْدِيرًا لَهُم كما يَقُولُونَ!


الشرح