×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ومِن ذَلِكَ ما ثَبَتَ فِي الصَّحِيح مِنْ حَدِيث أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن رَسُول الله صلى الله عليه وسلم قَالَ: «لاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: أَطْعِمْ رَبَّكَ، اسْقِ رَبَّكَ، وَضِّئْ رَبَّكَ، وَلْيَقُلْ: سَيِّدِي وَمَوْلاَيَ، وَلاَ يَقُلْ أَحَدُكُمْ: عَبْدِي وَأَمَتِي، وَلْيَقُلْ: فَتَايَ وَفَتَاتِي، وَغُلاَمِي» ([1])، وَوَجْهُ هَذَا النَّهْي ما يُفهَم مِن مخاطَبة السَّيِّد بمخاطَبة العَبْد لربه، والرب لعبده، وإن لَمْ يَكُن ذَلِكَ مَقْصُودًا.

****

قَوْله: «لولا كلبة هَذَا لأتانا» لأن الكلب يَحرُس فيُنبِّه عَلَى اللصوص إِذا جاءوا، فالكلب سببٌ وَلَكِن لا تَجعَلْه هُوَ الَّذِي مَنَعَ اللصوصَ.

قَوْله: «لَوْلاَ اللهُ وَفُلاَنٌ» هَذَا لا يَجُوز؛ لأن الواو للتشريك، وَلَكِن لو قلتَ: لَوْلاَ اللهُ ثُمَّ فُلاَنٌ؛ جَازَ ذَلِكَ، ما شَاءَ اللهُ ثُمَّ شَاءَ فُلاَنٌ؛ لأن «ثُمَّ» للترتيب.

قَوْله: «هَذَا كله شِرْكٌ» أي: من أنواع الشِّرْك الأَصْغَر.

 فالمسلم يَتجنب هَذِهِ الأَلْفَاظ الَّتِي فِيهَا إيهام بإنزال المخلوق مَنْزِلَة الخَالِق، فَلاَ يُقَال للعبد: «أَطْعِمْ رَبَّكَ»؛ يَعْنِي: سيدك؛ لأن لفظ الرَّبِّ إِنَّمَا يُطلَق عَلَى الله جل وعلا لا عَلَى غَيره؛ فَلاَ يُطلَق عَلَى المخلوق إلاَّ مُقيَّدًا فيقال: رب الدَّار، رب الدَّابَّة؛ فَلاَ يَقُول للمملوك: «أَطْعِمْ رَبَّكَ»؛ يَعْنِي: سيدك.

قَوْله: «وَضِّئْ رَبَّكَ»؛ يَعْنِي: ائْتِ لَهُ بالوضوء؛ لأن هَذَا اللَّفْظ فيه إيهام.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2552)، ومسلم رقم (2249).