وهكذا الاستدلال على مَنْعِ التَّوسُّل بقوله صلى
الله عليه وسلم لَمَّا نَزَلَ قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرۡ
عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]، «يَا فُلاَنُ بْنُ فُلاَنٍ لاَ
أَمْلِكُ لَكَ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يَا فُلاَنَةُ بِنْتُ فُلاَنٍ لاَ أَمْلِكُ
لَكِ مِنَ اللَّهِ شَيْئًا، يا بني فلانٍ لا أَمْلِكُ لكم مِن الله شيئًا»، فإن
هذا ليس فيه إلاَّ التَّصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نَفْعَ مَن أرادَ
اللهُ تعالى ضَرَّهُ، ولا ضَرَّ مَن أرادَ اللهُ نَفْعَهُ، وأنه لا يَملِكُ لأحدٍ
مِن قرابته - فضلاً عن غيرهم - شيئًا من الله.
****
فإذا
تَوَفَّرَ الشَّرْطَانِ، فإذًا الشَّفَاعَة تَنفَعُ بإذن الله، قال تعالى: ﴿وَلَا
يَشۡفَعُونَ إِلَّا لِمَنِ ٱرۡتَضَىٰ﴾
[الأنبياء: 28]، وقال: ﴿وَكَم
مِّن مَّلَكٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ لَا تُغۡنِي شَفَٰعَتُهُمۡ شَيًۡٔا إِلَّا مِنۢ
بَعۡدِ أَن يَأۡذَنَ ٱللَّهُ لِمَن يَشَآءُ وَيَرۡضَىٰٓ﴾
[النجم: 26].
قوله: «فإن هذا ليس فيه إلاَّ التَّصريح بأنه صلى الله عليه وسلم لا يستطيع نَفْعَ من أرادَ اللهُ تعالى ضَرَّهُ»، قال تعالى: ﴿وَإِن يَمۡسَسۡكَ ٱللَّهُ بِضُرّٖ فَلَا كَاشِفَ لَهُۥٓ إِلَّا هُوَۖ وَإِن يَمۡسَسۡكَ بِخَيۡرٖ فَهُوَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [الأنعام: 17]، لا مانعَ لِمَا أَعْطَى، ولا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعَ، وأما قوله تعالى: ﴿وَأَنذِرۡ عَشِيرَتَكَ ٱلۡأَقۡرَبِينَ﴾ [الشعراء: 214]، فدعا صلى الله عليه وسلم قريشًا وَعَمَّمَ، فقال: «يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ مِنْ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكُمْ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا». ثم خَصَّصَ عَمَّهُ وعَمَّتَهُ وابْنَتَهُ، فقال: «يَا عَبَّاسَ بْنَ عَبْدِ الْمُطَّلِبِ لاَ أُغْنِي عَنْكَ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا صَفِيَّةُ عَمَّةَ رَسُولِ اللَّهِ لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا، يَا فَاطِمَةُ بِنْتَ مُحَمَّد سَلِينْي مَا شِئتِ مِنْ مَالِي لاَ أُغْنِي عَنْكِ مِنْ اللَّهِ شَيْئًا» ([1])، فلا يَنفعهم عَمَلُ غيرهم، ولا يَنفَعُهم أن الرسول قَرِيبُهم،
الصفحة 1 / 327