قوله: «ومن أسمائه المُغيث والغِياث»؛ أي: من
أسماء الله: «المغيث» و «الغياث»، والغياث بمعنى المغيث، يا
غِياثَ المُستَغِيثِين، يُنادَى سبحانه فيقال: يا غِياث، أو: يا غَوْثَ
المستغيثِين.
قوله:
«قال أبو عبد الله الحليميُّ» هو مِن
الأئمة الأجِلاَّء مِن الشَّافعيَّة. قال هذا الإمامُ: «الغياثُ هو المغيثُ»؛ أي: هما بمعنًى واحدٍ. قال: «وأَكْثَرُ ما يقالُ: غِياثُ
المُستَغِيثِينَ» أو يقالُ: يا غَوْثَ المُستَغِيثِينَ. «ومعناه: المُدرِكُ عِبَادَهُ في الشَّدائِدِ إذا دَعَوْهُ» بأنْ
يُنقِذَهُم مِن الدَّرَكِ ومِن الهلاكِ، ومِن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا، اللَّهُمَّ
أَغِثْنَا»، فالرَّسول صلى الله عليه وسلم نادَى رَبَّهُ في الاستسقاء، فقال: «اللَّهُمَّ أَغِثْنَا»، فطَلَبَ
الغَوْثَ مِن الله، كما قال تعالى: ﴿إِذۡ
تَسۡتَغِيثُونَ رَبَّكُمۡ فَٱسۡتَجَابَ لَكُمۡ﴾
وهذا حَصَلَ في غزوة بدرٍ، لَمَّا تَقَابَلَ المسلمون والمشركون، وكان المشركون
يَزِيدُون على المسلمين في العَدَدِ والقُوَّةِ، فعَدَدُ المشركين يَبلُغُ الألْفَ
أو أَكثَرَ، وعَدَدُ المسلمين لا يَزِيدُ على ثلاثمائةٍ وبِضعةِ عَشَرَ،
فالنَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم وأصحابُه استَغاثُوا بالله أن يَنصُرَهُم على
المُشرِكِين، فاستجابَ لهم وقال: ﴿أَنِّي مُمِدُّكُم بِأَلۡفٖ مِّنَ ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ
مُرۡدِفِينَ﴾ [الأنفال: 9]، فَنَزَلَت
الملائكةُ تُقَوِّي عزائِمَ المسلمين وتُشجِّعُهم على المشركين، وتُلقِي الرُّعبَ
في قلوب المشركين، ونَصَرَ اللهُ المسلمين، فنَصَرَ العَددَ القليلَ على العَددِ
الكبيرِ، كما قال تعالى: ﴿قَدۡ كَانَ لَكُمۡ ءَايَةٞ فِي فِئَتَيۡنِ ٱلۡتَقَتَاۖ﴾ [آل عمران: 13] يعني: في بَدْرٍ، ﴿فِئَةٞ
تُقَٰتِلُ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَأُخۡرَىٰ كَافِرَةٞ يَرَوۡنَهُم مِّثۡلَيۡهِمۡ
رَأۡيَ ٱلۡعَيۡنِۚ وَٱللَّهُ يُؤَيِّدُ بِنَصۡرِهِۦ مَن يَشَآءُۚ إِنَّ فِي
ذَٰلِكَ لَعِبۡرَةٗ لِّأُوْلِي ٱلۡأَبۡصَٰرِ﴾
[آل عمران: 13].
الصفحة 1 / 327