×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

وينضم إِلَى ذَلِكَ ما يُظهِره الشَّيْطَان لِلنَّاسِ من قَضَاء حوائج من قَصَدَ بَعْض الأَمْوَات الَّذِينَ لَهُم شُهْرَة، وللعامة فِيهِم اعْتِقَاد، وَرُبَّمَا يَقِفُ جَمَاعَة من المحتالين عَلَى قبر، ويَجلِبون النَّاسَ بأكاذيب يحكونها عَن ذَلِكَ المَيِّت، ليستجلبوا مِنْهُمْ النذور، ويستدروا مِنْهُمْ الأَرْزَاق، ويَقتنصوا النحائر، ويَستخرجوا من عوام النَّاس ما يَعُود عَلَيْهِمْ، وَعَلَى من يعولونه ويَجعلونه ذَلِكَ مكسبًا ومعاشًا.

****

 وَالبِدْعَة سُنَّةً، حَتَّى إِذا أُنكِرت البِدْعَة وغُيِّرت، قِيلَ: غُيِّرت السُّنَّة؛ لأَِنَّهُم نَشَأُوا عَلَى هَذَا وتَرَبَّوْا عَلَيْهِ ونَشَأُوا عَلَيْهِ وتَوَارَثُوه، ولا أَحَدَ يُنْكِر ولا أَحَدَ يَدْعُو إِلَى الله، والبيئة الَّتِي يعيش فِيهَا الإِنْسَان تؤثِّر.

قَوْله: «بل ربما يَسمع من يُرغِّب فيه»، وهم دعاة الضَّلاَل فإنهم يُرغِّبون فِي الشِّرْك، وَعبَادَة الصَّالِحِينَ، ويَدْعون إِلَى ذَلِكَ، ويؤلِّفون فِي هَذَا مؤلَّفات.

 قَوْله: «وينضم إِلَى ذَلِكَ ما يُظهِره الشَّيْطَان لِلنَّاسِ...»، من الشُّبَه الَّتِي يُدلي بها القُبُورِيُّونَ فِي تبرير ما هُم عَلَيْهِ من دُعَاء الصَّالِحِينَ والاستِغَاثَة بالأموات، أَنَّهُم يَقُولُونَ: إنه يَحصل لَنَا مَقصدُنا، وتُقضى حوائجنا، ويَحصُل لَنَا ما طَلَبْنَا، فَهَذَا دَلِيل عَلَى جَوَاز ذَلِكَ، ويُرَدُّ عَلَى هَذَا بِأُمُور:

أولاً: أن الدَّلِيل هُوَ ما جَاءَ فِي الكتاب والسُّنة؛ لا سيما فِي أُمُور الاِعْتِقَاد.

ثَانِيًا: أن حُصُول المَقْصُود لا يدل عَلَى الجَوَاز، فقد يَحصل هَذَا بِسَبَب أَحَد أُمُور: إِمَّا أنه صَادَفَ قَضَاءً وقَدَرًا، فحَصَلَ هَذَا بِالقَضَاءِ


الشرح