والقدر، لا مِن أجل الالتجاء إِلَى الأَمْوَات
وإلى الأَضْرِحَة، وَلَكِن لأَنَّ اللهَ قَدَّرَ هَذَا، وحتى ولَوْ لَمْ تَذهَب
إِلَى القبور، فما دام الله قَدَّرَه لك فسيحدث.
ثَالِثًا:
يُقَال: قَد يحصل هَذَا استدراجًا لمن يفْعَل ذَلِكَ، فَهُوَ من بَاب الاستدراج
والإمهال، ليزداد هَذَا من الإِثْم، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَا يَحۡسَبَنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُوٓاْ أَنَّمَا
نُمۡلِي لَهُمۡ خَيۡرٞ لِّأَنفُسِهِمۡۚ إِنَّمَا نُمۡلِي لَهُمۡ لِيَزۡدَادُوٓاْ
إِثۡمٗاۖ وَلَهُمۡ عَذَابٞ مُّهِينٞ﴾
[آلَ عِمْرَانَ: 178]، وَقَالَ: ﴿فَلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِۦ فَتَحۡنَا
عَلَيۡهِمۡ أَبۡوَٰبَ كُلِّ شَيۡءٍ حَتَّىٰٓ إِذَا فَرِحُواْ بِمَآ أُوتُوٓاْ
أَخَذۡنَٰهُم بَغۡتَةٗ فَإِذَا هُم مُّبۡلِسُونَ﴾
[الأَنْعَام: 44]، فالقُبُورِيُّونَ نَسُوا ما ذُكِّرُوا به، فالله عز وجل
استَدرَجَهم ليزدادوا إِثْمًا، من بَاب الاِبْتِلاَء والامتحان.
رابعًا:
ما ذَكَرَه شَيْخ الإِسْلاَم ابْن تيمية رحمه الله من أن الشَّيَاطِين تتمثل بصور
الأَمْوَات، وتأتي إِلَى الأَضْرِحَة وتخاطِب هَؤُلاَءِ بلسان المَيِّت وصُورَتِه،
وتقول: نقضي لك حاجتك، فتُحضِر لَهُ حوائجه، ولو بالسرقة من أَمْوَال الناس،
فَالشَّيَاطِين من الجِنِّ يَسرِقون من أَمْوَال النَّاس، ويعطونها لَهُم من بَاب
التَّغْرِير بهم، وَهَذَا مجرَّب، أَنَّهُم يَسمعون أصواتًا فِي الضريح بِأَنِّي
قَد أَجَبتُكم، قَد قَضَيتُ حوائجكم، فيَظنُّون أن هَذَا المتكلِّم هُوَ المَيِّت؛
وَهُوَ الشَّيْطَان من أجل أن يُضلَّهم، كما ذَكَرَه الشَّيْخ رحمه الله فِي
كَثِير من كُتُبِه، وَقَالَ إنه شَاهَدَ شَيْئًا من ذَلِكَ، فَلاَ يُغْتَر
بِهَذِهِ الأُمُور، وَكَمَا ذَكَرْنَا أولاً أن الدَّلِيل هُوَ ما جَاءَ فِي
الكتاب والسُّنة وَالإِجْمَاع لا سيما فِي أُمُور العَقِيدَة، فكل ما خَالَفَ
الكتاب والسُّنَّة