×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فمَن تَرَكَ إِحْدَى هَذِهِ الخَمْسِ لَمْ يَكُن معصوم الدَّم ولا المَال، وأَعظَمُ من ذَلِكَ التَّارِك مَعْنى التَّوْحِيد، أو المخالِف لَهُ بما يأتي به من الأفعال.

فإن قلتَ: هَؤُلاَءِ المعتقِدون فِي الأَمْوَات لا يَعلَمون بأن ما يَفعلونه شركٌ، بل لو عُرِضَ أَحَدُهم عَلَى السَّيْف لم يُقِرّ بأنه مُشْرِكٌ بالله، ولا فاعلٌ لِما هُوَ شركٌ؛ بل ولو عَلَى أَدْنَى عِلْمٍ أن ذَلِكَ شركٌ لم يَفعَله.

****

 «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، فالإسلام لا يتجزأ، الإِسْلاَم وحدة كاملة، قَالَ تَعَالَى: ﴿يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱدۡخُلُواْ فِي ٱلسِّلۡمِ كَآفَّةٗ [البَقَرَة: 208]؛ أي: الإِسْلاَم، فالسِّلم يَعْنِي الإِسْلاَم، فادخلوا فيه كافة، لا تأخذوا بَعْضه، وتتركوا بَعْضه.

 قَوْله: «فمن تَرَكَ إِحْدَى هَذِهِ الخَمْس»؛ يَعْنِي: أَحَد أَرْكَان الإِسْلاَم الخَمْس، وأيهما أشد: الَّذِي يَذبح ويَنذِر لغير الله ويستغيث بِغَيْر الله، أو الَّذِي يَمنع الزَّكَاة وَهُوَ يُوحِّد الله ويُفرِده بِالعِبَادَةِ، وَمَعَ هَذَا جاحد الزَّكَاة لا يَدخل فِي الإِسْلاَم، فَكَيْفَ بالذي مَنَعَ الرُّكْن الأَوَّل وَهُوَ شَهَادَة أن «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ».

قَوْله: «وأَعظَم من ذَلِكَ التَّارِك مَعْنى التَّوْحِيد»؛ أي: تارك الرُّكْن الأَوَّل، وَهُوَ التَّوْحِيد، إِذا كَانَ مَن تَرَكَ الصَّلاَة، أو تَرَكَ الزَّكَاة، أو تَرَكَ الصِّيَام أو الحَجَّ: يَكفُر ويَجِبُ قتاله، فَكَيْفَ بِمَن تَرَكَ الرُّكْن الأَوَّل الَّذِي هُوَ التَّوْحِيد، وَأَشْرَك بالله، وَدَعَا غير الله، وذَبَحَ لغير الله، فَهَذَا من بَاب أولى.


الشرح