×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

قَوْله: «أو المخالِف لَهُ بما يأتي به من الأفعال» فِي أنه يَجحد مَعْنى التَّوْحِيد، وَيُنْكِر مَعْنى «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ».

هَذِهِ الشُّبَه إِذا فَهِمتَهَا نَفعَكَ اللهُ بها وأزال عنك إشكالاتٍ كَثِيرَةً.

وَهَذَا التقدير والافتراض من المُؤَلِّف يُرِيد به الرَّدَّ عَلَى القبوريين؛ لأنه يَفتَرِض للقبوريين عُذرًا، فيَرُدُّ عَلَيْهِ فيقول: «فإن قلتَ»؛ يَعْنِي: عَلَى فَرْضِ كَوْنِهِ «هَؤُلاَءِ المعتقِدون فِي الأَمْوَات لا يَعلمون بأن ما يفعلونه شركٌ» ولو عَلِمُوا لتَرَكُوه وَلَمْ يَقرَبُوه، والجواب عَن ذَلِكَ: أَنَّهُم يُفسِّرون الشِّرْكَ بِغَيْر مَعْنَاه، وَلَمْ يَعلَمُوا أن ما يفعلونه هُوَ الشِّرْك؛ لأَِنَّهُم يُفسِّرون الشِّرْك بِغَيْر مَعْنَاه، ويقولون: ما نَفعله لَيْسَ من الشِّرْك، فيقول المُؤَلِّف: الشِّرْك لَيْسَ هُوَ بِاعْتِبَارِ الإِنْسَان حَتَّى يَكُون خاضعًا لتفسيره وتعبيره، وَإِنَّمَا الشِّرْك عبَادَة غير الله، بِأَيّ نوع من العِبَادَة: بالذبح، بِالنَّذْرِ، بالاستِغَاثَة بِأَيّ نوع من أنواع العِبَادَة، هَذَا هُوَ الشِّرْك، كَمَا أَنَّ التَّوْحِيد: هُوَ إفراد الله بِالعِبَادَةِ، فَكَذَلِكَ الشِّرْك هُوَ عبَادَة غير الله، فتفسير الشِّرْك لَيْسَ موكولاً إِلَيْهِمْ ولا إِلَى غَيرهم، فَلَيْسَ هُوَ أمرًا اصطلاحيًّا يُجزُونه إِلَى ما يُرِيدُونَ: فما يفعلونه هُوَ الشِّرْك، ولَوْ لَمْ يَعرِفوا أنه شركٌ، أو قِيلَ لَهُم: لَيْسَ هَذَا بِشركٍ، إِنَّمَا هَذَا توسُّل بالصالحين، وطلبٌ للشفاعة من الصَّالِحِينَ، فَهَذَا هُوَ الَّذِي كَانَ المُشْرِكُونَ الأَوَّلُونَ فِي الجَاهِلِيَّة يفعلونه، فهم يَقُولُونَ: ﴿مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزُّمُر: 3]، يَتوسط لَنَا، ويقولون: ﴿هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يُونُس: 18]، وَلَمْ يَعذرهم الله بِذَلِكَ وَهُوَ كَوْنهُمْ لم يَعتبروا


الشرح