قلتُ: الأَمْر كما قلتَ، وَلَكِن لا يَخفَى
عَلَيْك ما تَقَرَّرَ فِي أسباب الرِّدَّة: أنه لا يُعتَبَر فِي ثُبُوتهَا
العِلْمُ بِمَعْنَى ما قاله مَن جَاءَ بِلَفْظٍ كُفرِيٍّ، أو فَعَلَ فِعلاً
كُفرِيًّا.
****
ما
هُم عَلَيْهِ شِركًا، فمن وَقَعَ فِي الشِّرْك فَهُوَ مُشْرِكٌ، سَوَاء فَسَّرَه
بِهَذَا أو بذاك.
قَوْله:
«بل لو عُرِضَ أَحَدُهم عَلَى السَّيْف لم
يُقِرّ بأنه مُشْرِكٌ بالله» لأنه يَجحد أنه مُشْرِكٌ، وفي يَوْم القِيَامَة
يَقُولُونَ: ﴿وَٱللَّهِ
رَبِّنَا مَا كُنَّا مُشۡرِكِينَ﴾
[الأَنْعَام: 23]، يَحلفون بأنهم لم يكونوا مشركين فِي الدُّنْيَا ولم يَعذرهم
الله، مَعَ أَنَّهُم حَلَفُوا بأنهم لَيْسُوا مشركين، فلم يَنفعهم ذَلِكَ، فالشرك
لَيْسَ هُوَ حسب اصطلاح النَّاس يُفسِّرونه بما يُرِيدُونَ، بل الشِّرْك هُوَ
عبَادَة غير الله بِأَيّ نوع من أنواع العِبَادَة، لا يَصرفه عَن ذَلِكَ لا تأويلٌ
ولا اصطلاحٌ، هَذَا هُوَ الجَوَاب بالاختصار، ثُمَّ هَؤُلاَءِ إِذا حُذِّروا
وَقِيلَ لَهُم: هَذَا شركٌ، وَهَذَا بَاطِلٌ، يَقُولُونَ: لا، أنتم وهابية! أو
أنتم خوارج! فيَرُدُّون عَلَى من نَصَحَهم وبَيَّنَ لَهُم، ولا يَقبَلون البَيَان،
فلو فَرَضْنَا أَنَّهُم لا يَعرفون، فَإِنَّنَا إِذا بَيَّنَّا لَهُم لم يَقبَلوا،
ويقولون: أنتم المخطئون، والمغالِطون، أنتم الخَوَارِج، أنتم الوهابية، أنتم مِن
أَتْبَاع ابْن تيمية! وَهَكَذَا يَقُولُونَ.
قَوْله: «لا يُعتَبَر فِي ثُبُوتهَا العِلْمُ بِمَعْنَى ما قاله مَن جَاءَ
بِلَفْظٍ كُفْرِيٍّ، أو فَعَلَ فِعْلاً كُفْرِيًّا» فَكَوْنهُ يَعتَبِر أن
الَّذِي هُوَ عَلَيْهِ لَيْسَ بشركٍ لا يَنفعه، ما دام أن ما فَعَلَه شركٌ أو كفرٌ
فقد أَشرَكَ أو كَفَرَ نَظَرًا لِمَا فَعَلَهُ، أَمَّا كَوْنه لا يدري، وَيُنْكِر
ويقول: هَذَا لَيْسَ بشركٍ، هَذَا توسُّل،