وَهُوَ لا يَعرف أنه هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ
أهل الجَاهِلِيَّة، أو نظيره، أو شرٌّ مِنْهُ أو دونه، فتُنقض بِذَلِكَ عرى
الإِسْلاَم، ويعود المعروف منكَرًا، والمنكَر معروفًا، وَالبِدْعَة سُنَّة،
والسُّنَّة بِدْعَة، ويُكفَّر الرَّجُل بمحض الإِيمَان، وتجريد التَّوْحِيد،
ويُبدَّعُ بتجريد متابعة الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، وَمُفَارَقَة الأَهْوَاء
وَالبِدَع، ومن لَهُ بصيرة وقلب حيٌّ سليم يرى ذَلِكَ عيانًا. والله المستعان.
****
فالذي: «لا يَعرف أنه هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ
أهل الجَاهِلِيَّة»، يَقَع فيه؛ فالذي وقع فيه كَثِير من النَّاس من الشِّرْك
اليَوْم هُوَ الَّذِي كَانَ عَلَيْهِ أهل الجَاهِلِيَّة، فَلِذَلِكَ يَجِب عَلَى
المسلم أنه يعرف الخَيْر والشر، من أجل أن يَعمل الخَيْر ويَتجنَّب الشَّرَّ.
قَوْله:
«فتُنقض بِذَلِكَ عرى الإِسْلاَم»،
كما قَالَ عمر رضي الله عنه، وَإِنَّمَا تُنقض بالجهل بِأُمُور الجَاهِلِيَّة عُرى
الإِسْلاَم عُرْوَة عُرْوَة.
قَوْله:
«ويعود المعروف منكَرًا، والمنكَر
معروفًا»؛ لأن هَذِهِ الشركيات إِذا كَثُر وقوعها وكَثُر أهلها صَارَت هِيَ
المعروف، وَصَارَ التَّوْحِيد هُوَ الْمُنْكَر، وَلِذَلِكَ فالذي يَدْعُو إِلَى
التَّوْحِيد يُعتبَر مبتدعًا خارجيًّا منفِّرًا.
قَوْله:
«وَالبِدْعَة سُنَّة، والسُّنَّة بِدْعَة»،
فبسبب التغافل عَن الشَّرّ وَعَدَم فَهمِه، يصير ما عَلَيْهِ النَّاس هُوَ
السُّنة، وَمَا يَدْعُو إِلَيْهِ أهل التَّوْحِيد هُوَ البِدْعَة.
قَوْله:
«ويُكفَّر الرَّجُل بمحض الإِيمَان،
وتجريد التَّوْحِيد»، فيُكفِّرون الَّذِينَ يَدْعُون للتوحيد، فينقلب الشِّرْك
توحيدًا، والتَّوحِيد شركًا،
الصفحة 1 / 327