ٱلۡحَرۡثِ وَٱلۡأَنۡعَٰمِ نَصِيبٗا فَقَالُواْ هَٰذَا لِلَّهِ
بِزَعۡمِهِمۡ وَهَٰذَا لِشُرَكَآئِنَاۖ فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمۡ فَلَا
يَصِلُ إِلَى ٱللَّهِۖ وَمَا كَانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَىٰ شُرَكَآئِهِمۡۗ
سَآءَ مَا يَحۡكُمُونَ﴾
[الأَنْعَام: 136]؛ أي: إِذا أُصِيبَ نصيبُ الله قَالُوا: الله غنيٌّ ولا يَضرُّهُ
هَذَا؛ أَمَّا إِذا أُصِيبَ نصيبُ الضريح قَالُوا: هَذَا مسكينٌ وَهَذَا يَحتاج؛
فأَخَذُوا نصيبَ الله وجَعَلُوه فِي مَحَلِّ نصيبِ الضريح.
قَوْله
تَعَالَى: ﴿وَيَجۡعَلُونَ لِمَا لَا يَعۡلَمُونَ نَصِيبٗا مِّمَّا رَزَقۡنَٰهُمۡۗ
تَٱللَّهِ لَتُسَۡٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ﴾
[النَّحْل: 56] هَذِهِ مِثْل الآيَة السَّابِقَة، ﴿نَصِيبٗا﴾
من الحَرْث والبهائم، ﴿تَٱللَّهِ
ِ﴾ أَقسَمَ اللهُ سُبْحَانَهُ
بِنَفْسِهِ، ﴿تَٱللَّهِ
لَتُسَۡٔلُنَّ عَمَّا كُنتُمۡ تَفۡتَرُونَ﴾،
سَمَّاهُ افتراءً، وتَوعَّدَهم بأنه سيَسأَلُهم يَوْم القِيَامَة.
بدأ الشَّيْخ رحمه الله يَرُدُّ عَلَى شبهات القبوريين الَّتِي يَتعلقون بها، وهذه الشُّبُهَات قديمة وحديثة، يَحتج بها المُشْرِكُونَ، وَقَد ذَكَرَهَا شَيْخ الإِسْلاَم مُحَمَّد بْن عَبْد الوَهَّاب رحمه الله فِي كِتَابٍ مُسْتَقِلٍّ سَمَّاهُ: «كَشْفَ الشُّبُهَاتِ»، والإمام الشوكانيُّ ذَكَرَ طَرَفًا مِنْهَا، وَأَشَدُّهَا قَوْلُهُم: إن هُنَاك فَرْقًا بَين المشركين فِي الجَاهِلِيَّة الَّذِينَ يَعبدون الأَوْلِيَاء والصالحين، ويقولون: ﴿هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ﴾ [يُونُس: 18]، ويقولون: ﴿لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ﴾ [الزُّمُر: 3]، وبين المشركين القبوريين فِي هَذِهِ الأمَّة، والفَرق هُوَ أن المشركين الأَوَّلين لا يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، أَمَّا مشركو القبوريين فهم يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، ومن قَالَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، صَارَ مُسلِمًا، فَكَيْفَ تُشبِّهون المُسْلِمِينَ الَّذِينَ يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»، بالمشركين الَّذِينَ لا يقولونها؟
الصفحة 1 / 327