×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

أَجَابَ عَن هَذَا رحمه الله بجواب شافٍ مُلخَّصُه: لَيْسَ القَصْد من «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» التَّلفُّظ بها فَقَط، بل لاَ بُدَّ من مَعْرِفَة مَعْنَاهَا وَالعَمَل بها، وَهُوَ تَرْكُ ما يُعبد من دون الله، لأن الرَّسُول صلى الله عليه وسلم قَالَ: «مَنْ قَالَ: لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ، وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ حَرُمَ مَالُهُ وَدَمُهُ، وَحِسَابُهُ عَلَى اللهِ» ([1])، بِهَذَا القيد: «وَكَفَرَ بِمَا يُعْبَدُ مِنْ دُونِ اللهِ»، وهؤلاء الَّذِينَ تُدافِعون عَنْهُم لم يَكفُروا بما يُعبد من دون الله، بل يقولونها ويَعبدون غير الله، من الأَوْلِيَاء والصالحين؛ يَذبحون لَهُم ويَنذرون لَهُم ويَطوفون بقبورهم، ويَعكفون عِنْدَهَا... إِلَى آخِرِهِ، إِذا لا فَرقَ بَين مشركي القبوريين وبين مشركي الجَاهِلِيَّة وإن كَانُوا يَقُولُونَ: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ»؛ لأن كَلِمَة «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» لَيْسَ القَصْد التلفظ بها فَقَط؛ بل لاَ بُدَّ من الالتزام بما تَدُل عَلَيْهِ من عبَادَة الله وحده وتَرْكِ عبَادَة ما سواه، ومن قَالَهَا وَهُوَ يَدْعُو غير الله ويستغيث بِغَيْر الله، ويَذبح لغير الله فَهُوَ متناقضٌ، وَهُوَ أسوأ من المشركين الأَوَّلين؛ لأن المشركين الأَوَّلين أَبَوْا أن يَتناقضوا؛ لأَِنَّهُم عربٌ فصحاء، ففَهِمُوا أَنَّهُم إِذا قالوها يَلزَمُهم تَرْكُ ما يَعبدونه من دون الله، وهؤلاء البُلداء لم يَفهَموا مَعْنى «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» كما فَهِمَه المُشْرِكُونَ، فَهُم قالوها وتَناقَضوا مَعَ مدلولها، حَيْثُ أَشرَكوا بالله عز وجل، وَلَمْ يَكفُروا بما يُعبد من دون الله عز وجل، لأَِنَّهُم يظنون أن «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» مُجَرَّد لفظٍ فَقَط، وَهَذَا غلطٌ وَاضِحٌ.


الشرح

([1])  أخرجه: مسلم رقم (23).