ومن ذلك أنه صلى الله عليه وسلم نهى عن الحلف بغير
الله، وقال: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1])، وقال: «مَنْ
حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِْسْلاَمِ، لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الإِْسْلاَمِ
سَالِمًا»، أو كما قال ([2])، وسَمِعَ رَجُلاً
يَحلِف باللاَّتِ والْعُزَّى فأَمَرَهُ أن يقول: «لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ» ([3])،
****
قوله
تعالى: ﴿وَقَضَىٰ
رَبُّكَ أَلَّا تَعۡبُدُوٓاْ إِلَّآ إِيَّاهُ﴾
[الإسراء: 23]، ﴿وَقَضَىٰ﴾ يعني: أَمَرَ ووَصَّى، بأن لا تَصرِفُوا العبادة لغيره
مِن ذَبْحٍ وغير ذَبْحٍ، وقال تعالى: ﴿وَٱعۡبُدُواْ ٱللَّهَ وَلَا تُشۡرِكُواْ بِهِۦ شَيۡٔٗاۖ﴾ [النساء: 36].
قوله
تعالى: ﴿وَمَآ
أُمِرُوٓاْ﴾ [البينة: 5] أي: ما أُمِرُوا بأيِّ
أمرٍ من أمور العبادة، ﴿وَمَآ أُمِرُوٓاْ
إِلَّا لِيَعۡبُدُواْ ٱللَّهَ مُخۡلِصِينَ لَهُ ٱلدِّينَ﴾
[البينة: 5] الدِّين: الدُّعَاء، فلا يَدخُلُه شِركٌ، فالعبادة إذا دَخَلَهَا
شِركٌ بَطَلَت.
قوله: «ومِن ذلك»؛ أي: من حماية النبي صلى الله عليه وسلم لجناب التَّوحِيد والمنع من وسائل الشرك: «أنه صلى الله عليه وسلم نَهَى عن الحلف بغير الله»؛ لأن الحلف بغير الله تعظيمٌ للمحلوف به، على وَجْهٍ يَعتَقِد فيه أن هذا المحلوف به يَستَحِق التعظيمَ، وهذا شركٌ بالله؛ لأن التعظيم حقٌّ لله عز وجل، وهو نوعٌ من العبادة، فالذي يَحلِفُ بغير الله يُعظِّم هذا المحلوفَ به، ومِن ثَمَّ صارَ هذا شركًا، كما قال صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِغَيْرِ اللَّهِ فَقَدْ كَفَرَ أَوْ أَشْرَكَ» ([4])، وهذا شَكٌّ مِن الرَّاوِي، هل قال الرسولُ:
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2679).
الصفحة 1 / 327