×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

«كَفَرَ»، أو قال: «أَشْرَكَ»، والمعنى واحدٌ، ولكن هذا مِن تَحَفُّظِهِم في الرواية، واحتياطِهِم لها.

الشاهد من ذلك: أن الحلف بغير الله شركٌ؛ كالذي يَحلف بالنبي، وما أَكْثَرَ ما يَجري على ألسنة بعض الجهال الذين نَشَأوا على ذلك ولم يَتَعَلَّمُوا التَّوحِيدَ.

وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ كَانَ حَالِفًا فَلْيَحْلِفْ بِاللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ»، وقوله صلى الله عليه وسلم: «مَنْ حَلَفَ بِمِلَّةٍ غَيْرِ الإِْسْلاَمِ، لَمْ يَرْجِعْ إِلَى الإِْسْلاَمِ سَالِمًا»: من الحلف المنهيِّ عنه أن يَحلِف الإنسانُ بملةٍ غير الإسلام؛ كأن يقول: «هو يهوديٌّ، أو نصرانيٌّ، أو مجوسيٌّ إن كان الأمر كذا، أو إن لم يكن الأمر كذا» يريد التأكيدَ بذلك؛ فهذا خطيرٌ، إن كان كاذبًا في حَلِفِه فهو كما قال، يصير يهوديًّا أو نصرانيًّا من أهل الملة التي حَلَفَ بها، وإن كان صادقًا لم يَعُد إلى الإسلام سالماً بل عليه إثمٌ، لأن هذا تعظيمٌ لليهودية وللنصرانية، والحلف إنما يُشرَعُ بالله عز وجل أو بصفةٍ مِن صفاته.

قوله: «وسَمِعَ»؛ أي: النبي صلى الله عليه وسلم: «رجلاً يَحلِفُ باللاَّتِ وَالْعُزَّى»، ا لعزى: صنمٌ كبيرٌ لأهل مكة قريبٌ من عرفات، وهو أحد الأصنام الثلاثة: اللات والعزى ومَنَاةَ، هذه أَكْبَرُ الأصنام عند العرب، ولما فَتَحَ اللهُ لرسولِهِ صلى الله عليه وسلم مكةَ، وأزالَ الأصنامَ التي حَوْلَ الكعبةِ وحَطَّمَهَا؛ وفوق الصَّفَا والمروةِ، وأَرسَلَ إلى الأصنام الثلاثة مَن يَهدِمُها، فأَرسَلَ إلى مناةَ عليَّ بن أبي طالب، وأَرسَلَ إلى العُزَّى خالدَ بن الوليد، وأَرسَلَ إلى اللاَّتِ المغيرةَ بن شعبة وأبا سفيان، فهُدِمَت ولله الحمد، والحاصل:


الشرح