ثُمَّ ذَكَرَ الآيَة الَّتِي فِي سُورَة «سَبَأ»، وَهِيَ
قَوْله تَعَالَى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ
زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ
وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ﴾ [سبأ: 22]، وتَكَلَّمَ عَلَيْهَا. ثُمَّ قَالَ:
والقرآن مملوء من أمثالها، وَلَكِن أَكْثَر النَّاس لا يَشعُرون بِدُخُول الوَاقِع
تحته، ويَظُنُّه فِي قوم قَد خَلَوْا وَلَمْ يُعَقِّبُوا وَارثًا، وَهَذَا هُوَ
الَّذِي يَحُول بَين القلب وبين فَهْم القُرْآن.
****
فاعترَفوا
أَنَّهُم يعبدونهم، ﴿إِلَّا
لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰ﴾
[الزُّمُر: 3]؛ يَعْنِي: نتقرب إِلَيْهِمْ من أجل أن يقرِّبونا إِلَى الله
زُلْفَى، هَذِهِ حُجَّتُهم.
والله
جل وعلا لا يُقرَّب إِلَيْهِ أَحَدٌ إلاَّ بِإِذْنِهِ، وبشرط أن يَكُون المَشْفُوع
فيه مِنْ أَهْلِ التَّوْحِيد، وأنتم لَيْسَ عندكم من الشرطين شَيْء، فالله لا يأذن
لكم، لأنكم مشركون.
وَمَا
زَالَ الإِمَام الشوكاني يَنقل عَن ابْن القيم من «مدارج السالكين».
ثُمَّ ذَكَرَ الآيَة: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِ ٱللَّهِ
لَا يَمۡلِكُونَ مِثۡقَالَ ذَرَّةٖ فِي ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَلَا فِي ٱلۡأَرۡضِ وَمَا
لَهُمۡ فِيهِمَا مِن شِرۡكٖ وَمَا لَهُۥ مِنۡهُم مِّن ظَهِيرٖ ٢٢وَلَا تَنفَعُ ٱلشَّفَٰعَةُ
عِندَهُۥٓ إِلَّا لِمَنۡ أَذِنَ لَهُۥۚ حَتَّىٰٓ إِذَا فُزِّعَ عَن قُلُوبِهِمۡ قَالُواْ
مَاذَا قَالَ رَبُّكُمۡۖ قَالُواْ ٱلۡحَقَّۖ وَهُوَ ٱلۡعَلِيُّ ٱلۡكَبِيرُ ٢٣﴾ [سَبَأ: 22- 23] وَالشَّاهِد من الآيَة، أن الشَّفَاعَة
لا تَنفع إلاَّ بِإِذْنِهِ، وَهُوَ - سُبْحَانَهُ - لم يأذن لكم فِي هَذَا،
فَعِبَادَتكُم لَهُم بَاطِلَة.
قَالَ
العُلَمَاء: وهذه الآيَة الكَرِيمَة تَقطع عروق الشِّرْك من أصلها، وَذَلِكَ:
أوَّلاً:
لأن المطلوب مِنْهُ إِمَّا أن يَكُون مالكًا لما يُطلَب مِنْهُ، أَمَّا الَّذِي لا
يَملك فَلاَ يُطلَب مِنْهُ.
الصفحة 1 / 327