×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

ولكننا نَتَّخِذُهم وسائط بَيْننَا وبين الله لِيُقَرِّبونا إِلَيْهِ، كما قَالَ تَعَالَى: ﴿وَٱلَّذِينَ ٱتَّخَذُواْ مِن دُونِهِۦٓ أَوۡلِيَآءَ مَا نَعۡبُدُهُمۡ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَآ إِلَى ٱللَّهِ زُلۡفَىٰٓ [الزُّمُر: 3]، هَذَا قَصدُهم، ﴿وَيَعۡبُدُونَ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمۡ وَلَا يَنفَعُهُمۡ وَيَقُولُونَ هَٰٓؤُلَآءِ شُفَعَٰٓؤُنَا عِندَ ٱللَّهِۚ [يُونُس: 18]؛ أي: يَشفعون لَهُم عِنْدَ الله، وَمَا اعتَقَدُوا أَنَّهُم يَرزُقون ويَخلُقُون ويُدبِّرون الأَمْرَ، فَهَذَا يَعتَرِفُون أنه لله عز وجل، وَإِنَّمَا أَشرَكُوهُم فِي العِبَادَة، فعَبَدُوهم مَعَ الله بقصد أَنَّهُم يَشفَعُون لَهُم عِنْدَ الله، وأن يُقرِّبُوهم إِلَى الله زُلْفَى، وَهَذَا هُوَ الشِّرْك الأَكْبَر الَّذِي أَنكَرَه اللهُ عَلَيْهِمْ.

قَوْله: «مَعَ اعْتِرَافهم بِأَنَّ اللهَ سبحانه وتعالى هُوَ خالِقها وخالِقهم»، قَالَ تَعَالَى: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلۡأَرۡضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡعَلِيمُ [الزُّخْرُف: 9]، وَقَالَ: ﴿وَلَئِن سَأَلۡتَهُم مَّنۡ خَلَقَهُمۡ لَيَقُولُنَّ ٱللَّهُۖ فَأَنَّىٰ يُؤۡفَكُونَ [الزُّخْرُف: 87]، [الزُّخْرُف]، وَقَالَ: ﴿قُلۡ مَن رَّبُّ ٱلسَّمَٰوَٰتِ ٱلسَّبۡعِ وَرَبُّ ٱلۡعَرۡشِ ٱلۡعَظِيمِ ٨٦سَيَقُولُونَ لِلَّهِۚ قُلۡ أَفَلَا تَتَّقُونَ ٨٧ [المُؤْمِنُون: 86- 87]، وَقَالَ: ﴿قُلۡ مَن يَرۡزُقُكُم مِّنَ ٱلسَّمَآءِ وَٱلۡأَرۡضِ أَمَّن يَمۡلِكُ ٱلسَّمۡعَ وَٱلۡأَبۡصَٰرَ وَمَن يُخۡرِجُ ٱلۡحَيَّ مِنَ ٱلۡمَيِّتِ وَيُخۡرِجُ ٱلۡمَيِّتَ مِنَ ٱلۡحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ ٱلۡأَمۡرَۚ فَسَيَقُولُونَ ٱللَّهُۚ [يُونُس: 31]، مَعَ أَنَّهُم يُشرِكون مَعَهُ غَيره فِي العِبَادَة مِمَّن لا يَقدِر عَلَى هَذِهِ الأَشْيَاء، وهم يَعترفون أن هَذِهِ خَاصَّة بالله عز وجل؛ فَكَيْفَ يُسوُّون هَذِهِ المخلوقات العاجزة مَعَ الله سبحانه وتعالى فِي العِبَادَة؟! هَذَا من إِقَامَة الحُجَّة عَلَيْهِمْ.


الشرح