فيما يَقدِرُ على الغوث فيه مِن الأمور، ولا
يَحتَاجُ مثلُ ذلك إلى استدلالٍ؛ فهو في غاية الوضوح، وما أَظُنُّهُ يُوجَدُ فيه
خِلافٌ، ومنه: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ ٱلَّذِي مِن
شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾ [القصص: 15].
****
كذلك
الاستِعَانَة تَكُون عند الحاجة، وليسَت عند الكُربةِ والضَّرورةِ، فتَكُون عند
الحاجة، والتَّعاون فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ الإنسانُ؛ هذا مأمورٌ به، قال تعالى:
﴿وَتَعَاوَنُواْ
عَلَى ٱلۡبِرِّ وَٱلتَّقۡوَىٰۖ وَلَا تَعَاوَنُواْ عَلَى ٱلۡإِثۡمِ وَٱلۡعُدۡوَٰنِۚ﴾ [المائدة: 2]، وقال صلى الله عليه وسلم: «وَاللَّهُ فِي عَوْنِ الْعَبْدِ مَا كَانَ
الْعَبْدُ فِي عَوْنِ أَخِيهِ» ([1])،
فالاستِعَانَة بالمخلوق فِيمَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ هذا طَيِّبٌ، وأما الاستِعَانَة
به فيما لا يَقدِرُ عليه؛ فهذا شِركٌ ولا يَجُوزُ.
مِن
أنواع العبادة: الاستِغَاثَة.
والاستِغَاثَة:
هي طَلَبُ الغوث مِن الشِّدَّةِ، فهي أَخَصُّ مِن الاستِعَانَة.
والاستِغَاثَة
بالمخلوقِ إذا كانت في أمْرٍ لا يَقدِرُ عليه إلاَّ اللهُ فإنها لا تجوز؛ لأن هذا
نوعٌ مِن أنواعِ العبادة التي لا تُجعَل إلاَّ لله عز وجل، أما إذا كانت
الاستِغَاثَة في شيءٍ يَقدِر عليه المخلوق - كأن وَقَعَ إنسانٌ في شِدَّةٍ
واستَغَاثَ بإخوانه أو بِمَنْ يُعِينُه - فلا بأسَ بذلك، قال تعالى: ﴿فَٱسۡتَغَٰثَهُ
ٱلَّذِي مِن شِيعَتِهِۦ عَلَى ٱلَّذِي مِنۡ عَدُوِّهِۦ﴾
[القصص: 15].
قوله: «فيما يقدر على الغوث فيه من الأمور»؛ كإنقاذٍ مِن مَهلَكةٍ أو إنقاذٍ مِن غَرَقٍ، أو إنقاذٍ مِن حريقٍ، ومِن عَدُوٍّ حاضرٍ، فهذا لا بأس فيه.
الصفحة 1 / 327