×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فإن قلتَ: فقد وَرَدَ الحَدِيث الصَّحِيح بأن الخَلاَئِق يَوْم القِيَامَة يأتون آدَم فيَدْعُونه ويستغيثونه، ثُمَّ نوحًا، ثُمَّ إِبْرَاهِيم، ثُمَّ موسى، ثُمَّ عيسى، ثُمَّ مُحَمَّدًا صلى الله عليه وسلم وَسَائِرَ إِخْوَانه من الأَنْبِيَاء.

قلتُ: أهل المحشر إِنَّمَا يأتون هَؤُلاَءِ الأَنْبِيَاء يَطلُبون مِنْهُمْ أن يَشفعوا لَهُم إِلَى الله سُبْحَانَهُ، ويَدْعُون لَهُم بِفَصْلِ الحِسَاب والإراحة من ذَلِكَ المَوْقِف، وَهَذَا جَائِزٌ، فإنه مِن طَلَبِ الشَّفَاعَة وَالدُّعَاء المَأْذُون فِيهِمَا.

****

 وَوِلاَيَةٍ مُسلِمَةٍ، هَذَا هُوَ الخِطَاب لِلرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم وَلِمَن يَلِي الأَمْرَ بَعْدَهُ، فَالقِتَال لا يَقُوم به إلاَّ وليُّ الأَمْر، والمُسْلِمُونَ تَبَعٌ لوليِّ أَمرِهِم وتحت رايته، فَلَيْسَ لكل أَحَدٍ أن يَأْخُذ سيفًا ويَقتُل مَن أمامه ويقول: هَذَا مُشْرِك، فَهَذِهِ فوضى وَهَذَا يُنفِّر عَن الدَّعْوَة، ويُوصَف مَن فَعَلَه بأنه من المُخَرِّبين كما هُوَ الوَاقِع الآنَ؛ فالأعداء لَبَّسُوا عَلَى الإِسْلاَم ما لَيْسَ مِنْهُ بسبب تَصَرُّفَات بَعْض المتحمسين عَلَى غير طَرِيق شرعي، وَعَلَى غير بصيرة، فَالأُمُور لها ضوابط، وَالأُمُور لها طُرُقٌ، فليست الأُمُور فوضى، خُذِ السَّيْفَ وَاقْتُلْ! دَمِّرْ! افْعَلْ ما تَرَى وَهَكَذَا، فَالأُمُور مُنظَّمةٌ، وَالأُمُور لها طُرُقٌ، ولها بَيَانٌ.

 هَذِهِ شُبْهَة ثَانِيَة، وَهِيَ أَنَّهُم يَقُولُونَ: نَحْنُ نَطلب من الأَوْلِيَاء والصالحين أَنَّهُم يَشفعون لَنَا عِنْدَ الله، وَالدَّلِيل عَلَى هَذَا أن أهل المحشر يَوْم القِيَامَة يَطلبون من أُولِي العَزْم أن يَشفعوا لَهُم عِنْدَ الله لِيُخَلِّصَهم من المَوْقِف، ويُرِيحَهم من المَوْقِف الَّذِي طال عَلَيْهِمْ وشَقَّ عَلَيْهِمْ، ويَتقَدَّمون إِلَى آدَم، ثُمَّ إِلَى نُوح، ثُمَّ إِلَى موسى، ثُمَّ إِلَى عيسى،


الشرح