بقولي عَرْضَ الحَائِط
وخُذُوا بِقَوْل رَسُول الله صلى الله عليه وسلم »، ويقول: «إِذا صَحَّ الحَدِيث فَهُوَ مذهبي»،
والإمام أَحْمَد رحمه الله يَقُول: «عَجِبْتُ
لقوم عَرَفُوا الإِسْنَاد وصِحَّتَه يَذهبون إِلَى رأي سُفْيَان، والله تَعَالَى
يَقُول: ﴿فَلۡيَحۡذَرِ ٱلَّذِينَ
يُخَالِفُونَ عَنۡ أَمۡرِهِۦٓ أَن تُصِيبَهُمۡ فِتۡنَةٌ أَوۡ يُصِيبَهُمۡ عَذَابٌ
أَلِيمٌ﴾ [النُّور: 63] »،
فَلاَ اعتبار لما خَالَفَ قَوْل الرَّسُول صلى الله عليه وسلم، ولو كَانَ قائله من
أَكْبَر العُلَمَاء، فَهُوَ معذور ومأجور عَلَى اجْتِهَاده، وَهُوَ لا يرضى أن
نُقلِّدَه، بل يَأمُرُنا أن نَأخُذَ بِالدَّلِيلِ.
والذين
يَقُولُونَ: ما نَقبَل إلاَّ قَوْل فلان، يُشبِه اليهود ﴿وَإِذَا قِيلَ لَهُمۡ ءَامِنُواْ بِمَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ﴾ [البَقَرَة: 91]؛ أي: أَنزَلَ عَلَى مُحَمَّدٍ،
يَقُولُونَ: ﴿نُؤۡمِنُ
بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا﴾
[البَقَرَة: 91]؛ أي: عَلَى نَبِيِّنَا؛ نَقُول لَهُم: وَمَا أُنزِلَ عَلَى
نَبِيِّكُم العَمَلُ به حَقٌّ فِي وَقتِهِ، وَلَكِن نُسِخَ، وَجَاءَت شَرِيعَة
مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم المرسَل إِلَى النَّاس كافة؛ فالعمل بِالنَّاسِخِ لا
بالمنسوخ، وَلَكِن لَمَّا كَانَ قَصدُهم الهَوَى صاروا: ﴿وَيَكۡفُرُونَ بِمَا وَرَآءَهُۥ وَهُوَ ٱلۡحَقُّ
مُصَدِّقٗا لِّمَا مَعَهُمۡۗ﴾
[البَقَرَة: 91]، ثُمَّ رَدَّ اللهُ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: ﴿قُلۡ فَلِمَ تَقۡتُلُونَ أَنۢبِيَآءَ ٱللَّهِ مِن
قَبۡلُ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ﴾
[البَقَرَة: 91]، فهم يَقُولُونَ: نَحْنُ نتبع أنبياءنا وَمَعَ هَذَا يقتلونهم؛
كما قَتَلُوا زَكَرِيَّا وابنه يحيى وهَمُّوا بِقَتْلِ المسيح ومَنَعَهُ الله
مِنْهُمْ ورَفَعَهُ إِلَيْهِ وهَمُّوا بِقَتْلِ مُحَمَّدٍ، وَلِذَلِكَ يُسَمُّون
اليهود بقتلة الأَنْبِيَاء، وَمَعَ هَذَا يَقُولُونَ: ﴿نُؤۡمِنُ بِمَآ أُنزِلَ عَلَيۡنَا﴾. [البَقَرَة: 91].
قَوْله: «لَكِنَّهَا تجاوَزَت ذَلِكَ إِلَى الحَطِّ عَلَى سَائِر عُلَمَاء المُسْلِمِينَ، والوضع من شَأْنهم، وتضليلهم، وتبديعهم، والتنفير عَنْهُم»،
الصفحة 1 / 327