×
فتح الولي الحميد في شرح كتاب الدر النضيد

فبَعَثَ اللهُ رُسُلَهُ تَنْهَى أن يُدْعَى أَحَدٌ من دونه، لا دُعَاء عبَادَة، ولا دُعَاء استغاثة. وَقَالَ تَعَالَى: ﴿قُلِ ٱدۡعُواْ ٱلَّذِينَ زَعَمۡتُم مِّن دُونِهِۦ فَلَا يَمۡلِكُونَ كَشۡفَ ٱلضُّرِّ عَنكُمۡ وَلَا تَحۡوِيلًا ٥٦أُوْلَٰٓئِكَ ٱلَّذِينَ يَدۡعُونَ يَبۡتَغُونَ إِلَىٰ رَبِّهِمُ ٱلۡوَسِيلَةَ أَيُّهُمۡ أَقۡرَبُ وَيَرۡجُونَ رَحۡمَتَهُۥ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُۥٓۚ إِنَّ عَذَابَ رَبِّكَ كَانَ مَحۡذُورٗا ٥٧ الآيَة [الإِسْرَاء: 56- 57]. قَالَت طائفة من السَّلَف: كَانَ أَقْوَام يَدْعُون المسيح وعزيرًا والملائكة...».

****

  قَوْله: «فَبَعَثَ اللهُ رُسُلَهُ تَنْهَى أن يُدْعَى أَحَدٌ من دونه» وَالدُّعَاء من أنواع تَوْحِيد الأُلُوهِيَّة قَالَ عز وجل: ﴿وَأَنَّ ٱلۡمَسَٰجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدۡعُواْ مَعَ ٱللَّهِ أَحَدٗا [الجِنّ: 18].

قَوْله: «لا دُعَاء عبَادَة، ولا دُعَاء استغاثة»؛ ولا غَيرهمَا؛ لأن الدُّعَاء عَلَى قِسْمَيْنِ:

دُعَاء عبَادَة وَهُوَ الثَّنَاء عَلَى الله.

وَدُعَاء مَسْأَلَة وَهُوَ طَلَبُ الحَوَائِج والاستغاثة.

فالأصنام والأحجار والأشجار والقبور لا تُدعى مَعَ الله، لا دُعَاء عبَادَة، ولا دُعَاء مَسْأَلَة، وسورة «الفَاتِحَة» أولها دُعَاء عبَادَة وَآخِرهَا دُعَاء مَسْأَلَة: ﴿بِسۡمِ ٱللَّهِ ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ١ٱلۡحَمۡدُ لِلَّهِ رَبِّ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٢ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلرَّحِيمِ ٣مَٰلِكِ يَوۡمِ ٱلدِّينِ ٤إِيَّاكَ نَعۡبُدُ وَإِيَّاكَ نَسۡتَعِينُ ٥ ٱهۡدِنَا ٱلصِّرَٰطَ ٱلۡمُسۡتَقِيمَ ٦صِرَٰطَ ٱلَّذِينَ أَنۡعَمۡتَ عَلَيۡهِمۡ غَيۡرِ ٱلۡمَغۡضُوبِ عَلَيۡهِمۡ وَلَا ٱلضَّآلِّينَ ٧ [الفاتحة: 1- 7] هَذَا دُعَاء مَسْأَلَة، فَهِيَ اشتَمَلَت عَلَى دُعَاء العِبَادَة، وَدُعَاء المَسْأَلَة.


الشرح